[3997] الهداية العامة الإلهية الكتاب * (قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) * (1).
* (الله نور السماوات والأرض) * (2).
التفسير:
قوله تعالى: * (قال ربنا الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) * سياق الآية - وهي واقعة في جواب سؤال فرعون: " فمن ربكما يا موسى " - يعطي أن " خلقه " بمعنى اسم المصدر، والضمير للشئ، فالمراد الوجود الخاص بالشئ.
والهداية إراءة الشئ الطريق الموصل إلى مطلوبه، أو إيصاله إلى مطلوبه ويعود، المعنيان في الحقيقة إلى معنى واحد وهو نوع من إيصال الشئ إلى مطلوبه: إما بإيصاله إليه نفسه أو إلى طريقه الموصل إليه.
وقد أطلق الهداية من حيث المهدي والمهدي إليه، ولم يسبق في الكلام إلا الشئ الذي أعطي خلقه، فالظاهر أن المراد هداية كل شئ - المذكور قبلا - إلى مطلوبه، ومطلوبه هو الغاية التي يرتبط بها وجوده وينتهي إليها والمطلوب هو مطلوبه من جهة خلقه الذي أعطيه، ومعنى هدايته له إليها تسييره نحوها، كل ذلك بمناسبة البعض للبعض.
فيؤول المعنى إلى إلقائه الرابطة بين كل شئ بما جهز به في وجوده من القوى والآلات وبين آثاره التي تنتهي به إلى غاية وجوده، فالجنين من الإنسان مثلا - وهو نطفة مصورة بصورته - مجهز في نفسه بقوى وأعضاء تناسب من الأفعال والآثار ما ينتهي به إلى الإنسان الكامل في نفسه وبدنه، فقد أعطيت النطفة الإنسانية بمالها من الاستعداد خلقها الذي يخصها وهو الوجود الخاص بالإنسان، ثم هديت وسيرت بما جهزت به من القوى والأعضاء نحو مطلوبها، وهو غاية الوجود الإنساني والكمال الأخير الذي يختص به هذا النوع.
ومن هنا يظهر معنى عطف قوله: * (هدى) * على قوله: * (أعطى كل شئ خلقه) * ب " ثم " وأن المراد التأخر الرتبي، فإن سير الشئ وحركته بعد وجوده رتبة، وهذا التأخر في الموجودات الجسمانية تدريجي زماني بنحو.
وظهر أيضا أن المراد بالهداية الهداية العامة الشاملة لكل شئ دون الهداية الخاصة بالإنسان، وذلك بتحليل الهداية الخاصة وتعميمها بإلقاء الخصوصيات، فإن حقيقة هداية الإنسان بإراءته الطريق الموصل إلى المطلوب، والطريق رابطة