معه بني إسرائيل ولا يعذبهم، وأراه آية العصا واليد البيضاء فأبى وعارضه بسحر السحرة وقد جاؤوا بسحر عظيم من ثعابين وحيات، فألقى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون، فالقي السحرة ساجدين قالوا: آمنا برب العالمين رب موسى وهارون، وأصر فرعون على جحوده وهدد السحرة ولم يؤمن.
فلم يزل موسى (عليه السلام) يدعوه وملأه ويريهم الآية بعد الآية كالطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات وهم يصرون على استكبارهم، وكلما وقع عليهم الرجز قالوا:
يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل، فلما كشف الله عنهم الرجز إلى أجل هم بالغوه إذا هم ينكثون.
فأمره الله أن يسري بني إسرائيل ليلا فساروا حتى بلغوا ساحل البحر، فعقبهم فرعون بجنوده، فلما تراءى الفريقان قال أصحاب موسى: إنا لمدركون، قال: كلا إن معي ربي سيهدين، فامر بأن يضرب بعصاه البحر فانفلق الماء فجاوزوا البحر، وأتبعهم فرعون وجنوده حتى إذا اداركوا فيها جميعا أطبق الله عليهم الماء فأغرقهم عن آخرهم.
ولما أنجاهم الله من فرعون وجنوده وأخرجهم إلى البر ولا ماء فيه ولا كلأ أكرمهم الله فأنزل الله عليهم المن والسلوى، وأمر موسى فضرب بعصاه الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم، فشربوا منها وأكلوا منهما وظللهم الغمام.
ثم واعد الله موسى أربعين ليلة لنزول التوراة بجبل الطور، فاختار قومه سبعين رجلا ليسمعوا تكليمه تعالى إياه، فسمعوا ثم قالوا: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون، ثم أحياهم الله بدعوة موسى، ولما تم الميقات أنزل الله عليه التوراة وأخبره أن السامري قد أضل قومه بعده فعبدوا العجل.
فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا فأحرق العجل ونسفه في اليم وطرد السامري وقال له:
اذهب فإن لك في الحياة أن تقول لامساس، وأما القوم فامروا أن يتوبوا ويقتلوا أنفسهم، فتيب عليهم بعد ذلك، ثم استكبروا عن قبول شريعة التوراة حتى رفع الله الطور فوقهم.
ثم إنهم ملوا المن والسلوى وقالوا: لن نصبر على طعام واحد، وسألوه أن يدعو ربه أن يخرج لهم مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها، فامروا أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لهم فأبوا، فحرمها الله عليهم وابتلاهم بالتيه يتيهون في الأرض أربعين سنة.
ومن قصص موسى (عليه السلام) ما ذكره الله في سورة الكهف من مضيه مع فتاه إلى مجمع البحرين للقاء العبد الصالح وصحبته حتى فارقه.
3 - منزلة هارون (عليه السلام) عند الله وموقفه العبودي:
أشركه الله تعالى مع موسى (عليهما السلام) في سورة الصافات في المن وإيتاء الكتاب والهداية إلى الصراط المستقيم وفي التسليم وأنه