منهم أحد إلا امرأته فإنه مصيبها ما أصابهم، وأخبروه أنهم سيهلكون القوم مصبحين (1).
فأخذت الصيحة القوم مشرقين، وأرسل الله عليهم حجارة من طين مسومة عند ربك للمسرفين، وقلب مدائنهم عليهم فجعل عاليها سافلها، وأخرج من كان فيها من المؤمنين فلم يجد فيها غير بيت من المسلمين وهو بيت لوط وترك فيها آية للذين يخافون العذاب الأليم (2).
وفي اختصاص الإيمان والإسلام بيت لوط (عليه السلام) وشمول العذاب لمدائنهم دلالة أولا على أن القوم كانوا كفارا غير مؤمنين وثانيا: على أن الفحشاء ما كانت شائعة فيما بين الرجال منهم فحسب، إذ لو كان الأمر على ذلك والنساء بريئات منها وكان لوط يدعو الناس إلى الرجوع إلى سبيل الفطرة وسنة الخلقة التي هي مواصلة الرجال والنساء لاتبعته عدة من النساء واجتمعن حوله وآمن به طبعا، ولم يذكر من ذلك شئ في كلامه سبحانه. وفي ذلك تصديق ما تقدم في الأخبار المأثورة أن الفحشاء شاعت بينهم، واكتفى الرجال بالرجال باللواط، والنساء بالنساء بالسحق.
3 - شخصية لوط المعنوية:
كان (عليه السلام) رسولا من الله إلى أهل المؤتفكات وهي مدينة سدوم وما والاها من المدائن، ويقال:
كانت أربع مدائن: سدوم وعمورة وصوغر وصبوييم، وقد أشركه في جميع المقامات الروحية التي وصف بها أنبياءه الكرام.
ومما وصفه به خاصة ما في قوله: * (ولوطا آتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوم سوء فاسقين * وأدخلناه في رحمتنا إنه من الصالحين) * (3).
4 - لوط وقومه في التوراة:
ذكرت التوراة (4) أن لوطا كان ابن أخي أبرام - إبراهيم - هاران بن تارخ، وكان هو وأبرام في بيت تارخ في أور الكلدانيين، ثم هاجر تارخ أورا قاصدا أرض الكنعانيين، فأقام بلدة حاران ومعه أبرام ولوط ومات هناك.
ثم إن أبرام بأمر من الرب خرج من حاران ومعه لوط ولهما مال كثير وغلمان اكتسبا ذلك في حاران فأتى أرض كنعان، وكان يرتحل أبرام ارتحالا متواليا نحو الجنوب، ثم أتى مصر، ثم صعد من هناك جنوبا نحو بيت إيل فأقام هناك.
ولوط السائر مع أبرام أيضا كان له غنم وبقر وخيام، ولم يحتملهما الأرض أن يسكنا ووقعت مخاصمة بين رعاة مواشيهما فتفرقا فأحذرا من وقوع النزاع والتشاجر، فاختار لوط دائرة الأردن وسكن في مدن الدائرة ونقل خيامه إلى سدوم، وكان أهل سدوم أشرارا وخطاة لدى الرب جدا، ونقل أبرام خيامه وأقام عند بلوطات ممرا التي في حبرون.
ثم وقعت حرب بين ملوك سدوم وعمورة وإدمة وصبوييم وصوغر من جانب، وأربعة من