[4064] الوزير الكتاب * (واجعل لي وزيرا من أهلي * هارون أخي * اشدد به أزري * وأشركه في أمري) * (1).
* (ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا) * (2).
التفسير:
قوله: * (واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي) * سؤال له آخر، وهو رابع الأسئلة وآخرها، والوزير فعيل من الوزر بالكسر فالسكون بمعنى الحمل الثقيل، سمي الوزير وزيرا لأنه يحمل ثقل حمل الملك، وقيل:
من الوزر بفتحتين بمعنى الجبل الذي يلتجأ إليه، سمي به لأن الملك يلتجئ إليه في آرائه وأحكامه.
وبالجملة: هو يسأل ربه أن يجعل له وزيرا من أهله ويبينه أنه هارون أخي وإنما يسأل ذلك لأن الأمر كثير الجوانب متباعدة الأطراف لا يسع موسى أن يقوم به وحده، بل يحتاج إلى وزير يشاركه في ذلك فيقوم ببعض الأمر، فيخفف عنه فيما يقوم به هذا الوزير، ويكون مؤيدا لموسى فيما يقوم به موسى، وهذا معنى قوله - وهو بمنزلة التفسير لجعله وزيرا - * (اشدد به أزري وأشركه في أمري) *.
فمعنى قوله: * (وأشركه في أمري) * سؤال الإشراك في أمر كان يخصه، وهو تبليغ ما بلغه من ربه بادي مرة، فهو الذي يخصه ولا يشاركه فيه أحد سواه، ولا له أن يستنيب فيه غيره، وأما تبليغ الدين أو شئ من أجزائه بعد بلوغه بتوسط النبي فليس مما يختص بالنبي، بل هو وظيفة كل من آمن به ممن يعلم شيئا من الدين، وعلى العالم أن يبلغ الجاهل، وعلى الشاهد أن يبلغ الغائب، ولا معنى لسؤال إشراك أخيه معه في أمر لا يخصه بل يعمه وأخاه وكل من آمن به من الإرشاد والتعليم والبيان والتبليغ، فتبين أن معنى إشراكه في أمره أن يقوم بتبليغ بعض ما يوحى إليه من ربه عنه وسائر ما يختص به من عند الله كافتراض الطاعة وحجية الكلمة.
وأما الإشراك في النبوة خاصة بمعنى تلقي الوحي من الله سبحانه فلم يكن موسى يخاف على نفسه التفرد في ذلك حتى يسأل الشريك، وإنما كان يخاف التفرد في التبليغ وإدارة الأمور في إنجاء بني إسرائيل وما يلحق بذلك وقد نقل ذلك عن موسى نفسه في قوله: * (وأخي هارون هو أفصح مني