فطهرني... فلما اجتمع واجتمعوا وصار الرجل في الحفرة نادى الرجل: لا يحدني من لله في جنبه حد، فانصرف الناس كلهم إلا يحيى وعيسى (عليهما السلام)، فدنا منه يحيى (عليه السلام) فقال له: يا مذنب عظني؟! فقال له: لا تخلين بين نفسك وبين هواها فترديك، قال: زدني، قال: لا تعيرن خاطئا بخطيئته، قال: زدني، قال: لا تغضب، قال: حسبي (1).
قصة يحيى (عليه السلام) في القرآن:
1 - الثناء عليه:
ذكره الله في بضعة مواضع من كلامه وأثنى عليه ثناء جميلا، فوصفه بأنه كان مصدقا بكلمة من الله وهو تصديقه بنبوة المسيح، وأنه كان سيدا يسود قومه، وأنه كان حصورا لا يأتي النساء، وكان نبيا ومن الصالحين (2) ومن المجتبين - وهم المخلصون - ومن المهديين (3) وأن الله هو سماه بيحيى ولم يجعل له من قبل سميا، وأمره بأخذ الكتاب بقوة وآتاه الحكم صبيا، وسلم عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا (4) ومدح بيت زكريا بقوله: * (إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين) * (5) وهم يحيى وأبوه وأمه.
2 - تاريخ حياته:
ولد (عليه السلام) لأبويه على خرق العادة، فقد كان أبوه شيخا فانيا وأمه عاقرا فرزقهما الله يحيى وهما آئسان من الولد، وأخذ بالرشد والعبادة والزهد في صغره وآتاه الله الحكم صبيا، وقد تجرد للتنسك والزهد والانقطاع فلم يتزوج قط ولا ألهاه شئ من ملاذ الدنيا.
وكان معاصرا لعيسى بن مريم (عليه السلام) وصدق نبوته، وكان سيدا في قومه تحن إليه القلوب وتميل إليه النفوس ويجتمع إليه الناس فيعظهم ويدعوهم إلى التوبة ويأمرهم بالتقوى حتى استشهد (عليه السلام).
ولم يرد في القرآن مقتله (عليه السلام)، والذي ورد في الأخبار أنه كان السبب في قتله أن امرأة بغيا افتتن بها ملك بني إسرائيل وكان يأتيها، فنهاه يحيى ووبخه على ذلك - وكان مكرما عند الملك يطيع أمره ويسمع قوله - فأضمرت المرأة عداوته وطلبت من الملك رأس يحيى وألحت عليه، فأمر به فذبح وأهدى إليها رأسه.
وفي بعض الأخبار أن التي طلبت منه رأس يحيى كانت ابنة أخي الملك، وكان يريد أن يتزوج بها فنهاه يحيى عن ذلك، فزينتها أمها بما يأخذ بمجامع قلب الملك وأرسلتها إليه، ولقنتها إذا منح الملك عليها بسؤال حاجة أن تسألها رأس يحيى ففعلت، فذبح (عليه السلام) ووضع رأسه في طست من ذهب واهدي إليها.
وفي الروايات نوادر كثيرة من زهده وتنسكه وبكائه من خشية الله ومواعظه وحكمه.