[4067] موازين الأعمال الكتاب * (والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون) * (1).
* (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) * (2).
(انظر) الكهف: 105، المؤمنون:
102، 103، القارعة: 6 - 11.
التفسير:
قوله تعالى: * (والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون...) * إلى آخر الآيتين. الآيتان تخبران عن الوزن وهو توزين الأعمال أو الناس العاملين من حيث عملهم، والدليل عليه قوله تعالى: * (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة - إلى أن قال - وكفى بنا حاسبين) * (3)، حيث دل على أن هذا الوزن من شعب حساب الأعمال، وأوضح منه قوله: * (يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم * فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) * (4)، حيث ذكر العمل وأضاف الثقل إليه خيرا وشرا.
وبالجملة: الوزن إنما هو للعمل دون عامله، فالآية تثبت للعمل وزنا سواء كان خيرا أو شرا، غير أن قوله تعالى: * (أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا) * (5) يدل على أن الأعمال في صور الحبط - وقد تقدم الكلام فيه في الجزء الثاني من هذا الكتاب (6) - لا وزن لها أصلا، ويبقى للوزن أعمال من لم تحبط أعماله، فما لم يحبط من الأعمال الحسنة والسيئة، له وزن يوزن به.
لكن الآيات في عين أنها تعتبر للحسنات والسيئات ثقلا إنما تعتبر فيها الثقل الإضافي وترتب القضاء الفصل عليه، بمعنى أن ظاهرها أن الحسنات توجب ثقل الميزان والسيئات خفة الميزان، لا أن توزن الحسنات فيؤخذ مالها من الثقل ثم السيئات ويؤخذ ما لها من الثقل ثم يقايس الثقلان فأيهما كان أكثر كان القضاء له، فإن كان الثقل للحسنة كان القضاء بالجنة وإن كان للسيئة كان القضاء بالنار، ولازم ذلك صحة فرض أن يتعادل الثقلان كما في الموازين الدائرة بيننا من ذي الكفتين والقبان وغيرهما.