- الإمام الصادق (عليه السلام): إن سليمان بن داود (عليه السلام) قال ذات يوم لأصحابه: إن الله تبارك وتعالى قد وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي، سخر لي الريح والإنس والجن والطير والوحوش، وعلمني منطق الطير، وآتاني من كل شئ، ومع جميع ما أوتيت من الملك ما تم لي سروري يوم إلى الليل، وقد أحببت أن أدخل قصري في غد فأصعد أعلاه وأنظر إلى ممالكي، فلا تأذنوا لأحد علي لئلا يرد علي ما ينغص علي يومي، قالوا:
نعم، فلما كان من الغد أخذ عصاه بيده وصعد إلى أعلى موضع من قصره، ووقف متكئا على عصاه ينظر إلى ممالكه مسرورا بما أوتي فرحا بما أعطي إذ نظر إلى شاب حسن الوجه واللباس قد خرج عليه من بعض زوايا قصره، فلما أبصر سليمان قال له: من أدخلك إلى هذا القصر وقد أردت أن أخلو فيه اليوم؟ وبإذن من دخلت؟ فقال الشاب: أدخلني هذا القصر ربه وبإذنه دخلت، فقال: ربه أحق به مني فمن أنت؟ قال: أنا ملك الموت، قال: وفيما جئت؟ قال: جئت لأقبض روحك، قال: امض لما أمرت به فهذا يوم سروري وأبى الله عز وجل أن يكون لي سرور دون لقائه، فقبض ملك الموت روحه وهو متكئ على عصاه، فبقي سليمان متكئا على عصاه وهو ميت ما شاء الله والناس ينظرون إليه وهم يقدرون أنه حي، فافتتنوا فيه واختلفوا فمنهم من قال: إن سليمان قد بقي متكئا على عصاه هذه الأيام الكثيرة ولم يتعب ولم ينم ولم يشرب ولم يأكل، إنه لربنا الذي يجب علينا أن نعبده، وقال قوم:
إن سليمان ساحر وإنه يرينا أنه واقف متكئ على عصاه، يسحر أعيننا وليس كذلك، وقال المؤمنون: إن سليمان، هو عبد الله ونبيه يدبر الله أمره بما شاء، فلما اختلفوا بعث الله عز وجل الأرضة فدبت في عصاة سليمان فلما أكلت جوفها انكسرت العصا وخر سليمان (عليه السلام) من قصره على وجهه (1).
كلام في قصة سليمان (عليه السلام):
1 - ما ورد من قصصه في القرآن:
لم يرد من قصصه (عليه السلام) في القرآن الكريم إلا نبذة يسيرة، غير أن التدبر فيها يهدي إلى عامة قصصه ومظاهر شخصيته الشريفة.
منها: وراثته لأبيه داود، قال تعالى:
* (ووهبنا لداود سليمان) * (2)، وقال: * (وورث سليمان داود) * (3).
ومنها: إيتاؤه الملك العظيم وتسخير الجن والطير والريح له وتعليمه منطق الطير، وقد تكرر ذكر هذه النعم في كلامه تعالى كما في سورة البقرة الآية 102، والأنبياء الآية 81، والنمل الآية 16 - 18، وسبأ الآية 12 - 13، وص الآية 35 - 39.
ومنها: الإشارة إلى قصة إلقاء جسد على كرسيه كما في سورة ص الآية 33.
ومنها: الإشارة إلى عرض الصافنات الجياد عليه كما في سورة ص الآية 31 - 33.