وإنه ليأتينا فيسلم فنسمع صوته ولا نرى شخصه، وإنه ليحضر حيث ما ذكر، فمن ذكره منكم فليسلم عليه، وإنه ليحضر الموسم كل سنة فيقضي جميع المناسك ويقف بعرفة فيؤمن على دعاء المؤمنين، وسيؤنس الله به وحشة قائمنا في غيبته، ويصل به وحدته (1).
بحث تاريخي في فصلين:
1 - قصة موسى والخضر في القرآن:
أوحى الله سبحانه إلى موسى أن هناك عبدا من عباده عنده من العلم ما ليس عند موسى، وأخبره أنه إن انطلق إلى مجمع البحرين وجده هناك، وهو بالمكان الذي يحيى فيه الحوت الميت (أو يفتقد فيه الحوت).
فعزم موسى أن يلقى العالم ويتعلم منه بعض ما عنده إن أمكن، وأخبر فتاه عما عزم عليه، فخرجا قاصدين مجمع البحرين وقد حملا معهما حوتا ميتا وذهبا حتى بلغا مجمع البحرين وقد تعبا وكانت هناك صخرة على شاطئ البحر فأويا إليها ليستريحا هنيئة وقد نسيا حوتهما وهما في شغل منه، وإذا بالحوت اضطرب ووقع في البحر حيا، أو وقع فيه وهو ميت، وغار فيه والفتى يشاهده ويتعجب من أمره، غير أنه نسي أن يذكره لموسى حتى تركا الموضع وانطلقا حتى جاوزا مجمع البحرين وقد نصبا، فقال له موسى: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، فذكر الفتى ما شاهده من أمر الحوت، وقال لموسى: إنا إذ أوينا إلى الصخرة حي الحوت ووقع في البحر يسبح فيه حتى غار وكنت أريد أن أذكر لك أمره لكن الشيطان أنسانيه (أو إني نسيت الحوت عند الصخرة فوقع في البحر وغار فيه).
قال موسى: ذلك ما كنا نبغي ونطلب فلنرجع إلى هناك فارتدا على آثارهما قصصا، فوجدا عبدا من عباد الله آتاه الله رحمة من عنده وعلمه علما من لدنه فعرض عليه موسى وسأله أن يتبعه فيعلمه شيئا ذا رشد مما علمه الله. قال العالم: إنك لن تستطيع معي صبرا على ما تشاهده من أعمالي التي لا علم لك بتأويلها، وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا؟! فوعده موسى أن يصبر ولا يعصيه في أمر إن شاء الله، فقال له العالم بانيا على ما طلبه منه ووعده به: فإن اتبعتني فلا تسألني عن شئ حتى احدث لك منه ذكرا.
فانطلق موسى والعالم حتى ركبا سفينة وفيها ناس من الركاب وموسى خالي الذهن عما في قصد العالم، فخرق العالم السفينة خرقا لا يؤمن معه الغرق، فأدهش ذلك موسى وأنساه ما وعده فقال للعالم: أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا، قال له العالم: ألم أقل: إنك لن تستطيع معي صبرا؟ فاعتذر إليه موسى بأنه نسي ما وعده من الصبر قائلا: لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا.
فانطلقا فلقيا غلاما فقتله العالم، فلم يملك موسى نفسه دون أن تغير وأنكر عليه ذلك قائلا:
أقتلت نفسا زكية بغير نفس؟ لقد جئت شيئا نكرا، قال له العالم ثانيا: ألم أقل لك: