حقوقها الفردية والاجتماعية والدفاع عنها والتوسل إليها بالمقدمات الموصلة إليها، بل معناها أن الرجل إذ كان ينفق ما ينفق من ماله بإزاء الاستمتاع فعليها أن تطاوعه وتطيعه في كل ما يرتبط بالاستمتاع والمباشرة عند الحضور، وأن تحفظه في الغيب فلا تخونه عند غيبته بأن توطأ فراشه غيره، وأن تمتع لغيره من نفسها ما ليس لغير الزوج التمتع منها بذلك، ولا تخونه فيما وضعه تحت يدها من المال وسلطها عليه في ظرف الازدواج والاشتراك في الحياة المنزلية (1).
كلام في معنى قيمومة الرجال على النساء:
تقوية القرآن الكريم لجانب العقل الإنساني السليم - وترجيحه إياه على الهوى واتباع الشهوات، والخضوع لحكم العواطف والإحساسات الحادة، وحضه وترغيبه في اتباعه، وتوصيته في حفظ هذه الوديعة الإلهية عن الضيعة - مما لا ستر عليه، ولا حاجة إلى إيراد دليل كتابي يؤدي إليه، فقد تضمن القرآن آيات كثيرة متكثرة في الدلالة على ذلك تصريحا وتلويحا وبكل لسان وبيان.
ولم يهمل القرآن مع ذلك أمر العواطف الحسنة الطاهرة، ومهام آثارها الجميلة التي يتربى بها الفرد، ويقوم بها صلب المجتمع، كقوله: * (أشداء على الكفار رحماء بينهم) * (2) وقوله: * (لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) * (3) وقوله: * (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) * (4) لكنه عدلها بالموافقة لحكم العقل، فصار اتباع حكم هذه العواطف والميول اتباعا لحكم العقل.
وقد مر في بعض المباحث السابقة أن من حفظ الإسلام لجانب العقل وبنائه أحكامه المشرعة على ذلك أن جميع الأعمال والأحوال والأخلاق التي تبطل استقامة العقل في حكمه، وتوجب خبطه في قضائه وتقويمه لشؤون المجتمع - كشرب الخمر والقمار وأقسام المعاملات الغررية والكذب والبهتان والافتراء والغيبة - كل ذلك محرمة في الدين.
والباحث المتأمل يحدس من هذا المقدار أن من الواجب أن يفوض زمام الأمور الكلية والجهات العامة الاجتماعية - التي ينبغي أن تدبرها قوة التعقل، ويجتنب فيها من حكومة العواطف والميول النفسانية - كجهات الحكومة والقضاء والحرب إلى من يمتاز بمزيد العقل ويضعف فيه حكم العواطف، وهو قبيل الرجال دون النساء.
وهو كذلك، قال الله تعالى: * (الرجال قوامون على النساء) * والسنة النبوية التي هي ترجمان البيانات القرآنية بينت ذلك كذلك، وسيرته (صلى الله عليه وآله وسلم) جرت على ذلك أيام حياته، فلم يول امرأة على قوم، ولا أعطى امرأة منصب القضاء، ولا دعاهن إلى غزاة بمعنى دعوتهن إلى أن يقاتلن.