كلامه الشفاء والرحمة وحرمان الظالمين من ذلك وزيادتهم في خسارهم، اعترضه معترض في هذه التفرقة وأنه لو سوى بين الفريقين في الشفاء والرحمة كان ذلك أوفى لغرض الرسالة وأنفع لحال الدعوة، فأمر رسوله (صلى الله عليه وآله) أن يجيبهم في ذلك فقال: * (قل كل يعمل على شاكلته) * أي أن أعمالكم تصدر على طبق ما عندكم من الشاكلة والفعلية الموجودة، فمن كانت عنده شاكلة عادلة سهل اهتداؤه إلى كلمة الحق والعمل الصالح وانتفع بالدعوة الحقة، ومن كانت عنده شاكلة ظالمة صعب عليه التلبس بالقول الحق والعمل الصالح ولم يزد من استماع الدعوة الحقة إلا خسارا، والله الذي هو ربكم العليم بسرائركم المدبر لأمركم أعلم بمن عنده شاكلة عادلة وهو أهدى سبيلا وأقرب إلى الانتفاع بكلمة الحق، والذي علمه وأخبر به أن المؤمنين أهدى سبيلا فيختص بهم الشفاء والرحمة بالقرآن الذي ينزله، ولا يبقى للكافرين أهل الظلم إلا مزيد الخسار إلا أن ينتزعوا عن ظلمهم فينتفعوا به.
ومن هنا يظهر النكتة في التعبير بصيغة التفضيل في قوله: * (أهدى سبيلا) * وذلك لما تقدم أن الشاكلة غير ملزمة في الدعوة إلى ما يلائمها، فالشاكلة الظالمة وإن كانت مضلة داعية إلى العمل الطالح غير أنها لا تحتم الضلال، ففيها أثر من الهدى وإن كان ضعيفا، والشاكلة العادلة أهدى منها، فافهم (1).
(انظر) باب 3921 حديث 20209.
[3980] دور النية في العمل - رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا أيها الناس إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه (2).
- عنه (صلى الله عليه وآله): إنما الأعمال بالنية - وفي رواية بالنيات - وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي (3).
- عنه (صلى الله عليه وآله) - لما أغزى عليا (عليه السلام) في سرية، فقال رجل لأخ له: اغز بنا في سرية علي لعلنا نصيب خادما أو دابة أو شيئا نتبلغ به -:
إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، فمن غزا ابتغاء ما عند الله فقد وقع أجره على الله، ومن غزا يريد عرض الدنيا أو نوى عقالا لم يكن له إلا ما نوى (4).
- عنه (صلى الله عليه وآله): من غزا في سبيل الله ولم ينو إلا عقالا فله ما نوى (5).