[3849] علم النجوم الكتاب * (فنظر نظرة في النجوم * فقال إني سقيم) * (1).
* (فلا أقسم بمواقع النجوم) * (2).
التفسير:
قوله تعالى: * (فنظر نظرة في النجوم * فقال إني سقيم) * لا شك أن ظاهر الآيتين أن إخباره (عليه السلام) بأنه سقيم مرتبط بنظرته في النجوم ومبني عليه، ونظرته في النجوم إما لتشخيص الساعة وخصوص الوقت كمن به حمى ذات نوبة يعين وقتها بطلوع كوكب أو غروبها أو وضع خاص من النجوم، وإما للوقوف على الحوادث المستقبلة التي كان المنجمون يرون أن الأوضاع الفلكية تدل عليها، وقد كان الصابئون مبالغين فيها وكان في عهده (عليه السلام) منهم جم غفير.
فعلى الوجه الأول لما أراد أهل المدينة أن يخرجوا كافة إلى عيد لهم، نظر إلى النجوم وأخبرهم أنه سقيم ستعتريه العلة فلا يقدر على الخروج معهم.
وعلى الوجه الثاني نظر (عليه السلام) حينذاك إلى النجوم نظرة المنجمين، فأخبرهم أنها تدل على أنه سيسقم فليس في وسعه الخروج معهم.
وأول الوجهين أنسب لحاله (عليه السلام) وهو في إخلاص التوحيد بحيث لا يرى لغيره تعالى تأثيرا، ولا دليل لنا قويا يدل على أنه (عليه السلام) لم يكن به في تلك الأيام سقم أصلا، وقد أخبر القرآن بإخباره بأنه سقيم، وذكر سبحانه قبيل ذلك أنه جاء ربه بقلب سليم، فلا يجوز عليه كذب ولا لغو من القول.
ولهم في الآيتين وجوه أخر أوجهها أن نظرته في النجوم وإخباره بالسقم من المعاريض في الكلام، والمعاريض أن يقول الرجل شيئا يقصد به غيره ويفهم منه غير ما يقصده، فلعله نظر (عليه السلام) في النجوم نظر الموحد في صنعه تعالى يستدل به عليه تعالى وعلى وحدانيته وهم يحسبون أنه ينظر إليها نظر المنجم فيها ليستدل بها على الحوادث، ثم قال: إني سقيم، يريد أنه سيعتريه سقم، فإن الإنسان لا يخلو في حياته من سقم ما ومرض ما، كما قال: * (وإذا مرضت فهو يشفين) * الشعراء:
80، وهم يحسبون أنه يخبر عن سقمه يوم يخرجون فيه لعيد لهم، والمرجح عنده لجميع ذلك ما كان يهتم به من الرواغ