فأقام المهاجرون بأرض الحبشة عند النجاشي بأحسن جوار، فلما سمعوا بمهاجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة رجع منهم ثلاثة وثلاثون رجلا، ومن النساء ثماني نسوة، فمات منهم رجلان بمكة، وحبس بمكة سبعة نفر، وشهد بدرا منهم أربعة وعشرون رجلا، فلما كان شهر ربيع الأول سنة سبع من هجرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة كتب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى النجاشي كتابا يدعوه فيه إلى الإسلام، وبعث به مع عمرو بن أمية الضمري.
فلما قرئ عليه الكتاب أسلم وقال: لو قدرت أن آتيه لأتيته، وكتب إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب، وكانت فيمن هاجر إلى أرض الحبشة مع زوجها عبيد الله بن جحش فتنصر هناك ومات، فزوجه النجاشي إياها وأصدق عنه أربعمائة دينار، وكان الذي ولي تزويجها خالد بن سعيد بن العاص، وكتب إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يبعث إليه من بقي عنده من أصحابه ويحملهم، ففعل وحملهم في سفينتين مع عمرو بن أمية الضمري، فأرسوا بهم إلى ساحل بولا وهو الجار، ثم تكاروا الظهر حتى قدموا المدينة فيجدون رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخيبر، فشخصوا إليه فوجدوه قد فتح خيبر، فكلم رسول الله (صلى الله عليه وآله) المسلمين أن يدخلوهم في سهمانهم، ففعلوا (1).
[3988] الهجرة إلى المدينة الكتاب * (واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا) * (2).
(انظر) النساء: 97، 100، الأنفال: 72، 75، التوبة: 39، النحل: 6، 41، 42، 110، العنكبوت: 56، 60، محمد: 13.
- كانت الهجرة سنة أربع عشرة من المبعث، وهي سنة أربع وثلاثين من ملك كسرى پرويز، سنة تسع لهرقل (3)، وأول هذه السنة المحرم، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) مقيما بمكة لم يخرج منها، وقد كان جماعة خرجوا في ذي الحجة، وقال محمد بن كعب القرظي (4): اجتمع قريش على بابه وقالوا: إن محمدا يزعم أنكم إن بايعتموه كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم بعد موتكم فجعل لكم جنان كجنان الأرض، وإن لم تفعلوا كان لكم منه الذبح ثم بعثتم بعد موتكم فجعلت لكم نار تحرقون بها، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخذ حفنة (5) من تراب ثم قال: نعم أنا أقول ذلك، فنثر التراب على رؤوسهم وهو يقرأ * (يس - إلى قوله - وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون) * فلم يبق منهم رجل وضع على رأسه التراب إلا قتل يوم بدر، ثم انصرف إلى حيث أراد، فأتاهم آت لم يكن معهم فقال: ما