فصل عليهم وعلى الملائكة الذين من دونهم من سكان سماواتك وأهل الأمانة على رسالاتك، والذين لا تدخلهم سأمة من دؤوب، ولا إعياء من لغوب، ولا فتور، ولا تشغلهم عن تسبيحك الشهوات، ولا يقطعهم عن تعظيمك سهو الغفلات، الخشع الأبصار فلا يرومون النظر إليك، النواكس الأذقان الذين قد طالت رغبتهم فيما لديك، المستهترون بذكر آلائك، والمتواضعون دون عظمتك وجلال كبريائك، والذين يقولون إذا نظروا إلى جهنم تزفر على أهل معصيتك:
" سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ".
فصل عليهم... وعلى الروحانيين من ملائكتك، وأهل الزلفة عندك، وحمال الغيب إلى رسلك، والمؤتمنين على وحيك، وقبائل الملائكة الذين اختصصتهم لنفسك، وأغنيتهم عن الطعام والشراب بتقديسك، وأسكنتهم بطون أطباق سماواتك، والذين على أرجائها إذا نزل الأمر بتمام وعدك.
وخزان المطر، وزواجر السحاب، والذي بصوت زجره يسمع زجل الرعود، وإذا سبحت به حفيفة السحاب التمعت صواعق البروق، ومشيعي الثلج والبرد، والهابطين مع قطر المطر إذا نزل، والقوام على خزائن الرياح، والموكلين بالجبال فلا تزول، والذين عرفتهم مثاقيل المياه وكيل ما تحويه لواعج الأمطار وعوالجها، ورسلك من الملائكة إلى أهل الأرض بمكروه ما ينزل من البلاء ومحبوب الرخاء.
والسفرة الكرام البررة، والحفظة الكرام الكاتبين، وملك الموت وأعوانه، ومنكر ونكير، ورومان فتان القبور، والطائفين بالبيت المعمور، ومالك والخزنة، ورضوان وسدنة الجنان، والذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، والذين يقولون: سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، والزبانية الذين إذا قيل لهم: * (خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه) * ابتدروه سراعا ولم ينظروه، ومن أوهمنا ذكره ولم نعلم مكانه منك وبأي أمر وكلته، وسكان الهواء والأرض والماء، ومن منهم على الخلق.
فصل عليهم يوم تأتي كل نفس معها سائق وشهيد، وصل عليهم صلاة تزيدهم كرامة على كرامتهم وطهارة على طهارتهم (1).
كلام في الملائكة:
تكرر ذكر الملائكة في القرآن الكريم، ولم يذكر منهم بالتسمية إلا جبريل وميكايل، وما عداهما مذكور بالوصف كملك الموت والكرام الكاتبين والسفرة الكرام البررة والرقيب والعتيد وغير ذلك.
والذي ذكره الله سبحانه في كلامه - وتشايعه الأحاديث السابقة - من صفاتهم وأعمالهم هو أولا أنهم موجودات مكرمون هم وسائط بينه تعالى وبين العالم المشهود، فما من حادثة أو واقعة صغيرة أو كبيرة إلا وللملائكة فيها شأن وعليها ملك موكل أو ملائكة موكلون بحسب ما فيها من الجهة أو الجهات، وليس لهم في ذلك