هذا ما يرجع إليك، وأما ما يرجع إلي ويعود نفعه علي: فإن تتعهدي بالترحم في بعض الأوقات، وأن تهدي علي ثواب بعض الطاعات، ولا تقلل من ذكري، فينسبك أهل الوفاء إلى الغدر، ولا تكثر من ذكري، فينسبك أهل العزم إلى العجز، بل اذكرني في خلواتك وعقيب صلواتك، واقض ما علي من الديون الواجبة، والتعهدات اللازمة، وزر قبري بقدر الإمكان، واقرأ عليه شيئا " من القرآن، وكل كتاب صنفته وحكم الله تعالى بأمره قبل إتمامه، فأكمله، وأصلح ما تجده من الخلل والنقصان، والخطأ والنسيان.
هذه وصيتي إليك، والله خليفتي عليك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وأما الثانية: فهي التي نقلها ولده فخر المحققين محمد في كتاب الألفين، قال:
يقول محمد بن الحسن بن المطهر حيث وصل في ترتيب هذا الكتاب وتبيينه إلى هذا الدليل.. خطر لي أن هذا خطابي لا يصلح في المسائل البرهانية، فتوقفت في كتابته، فرأيت والدي عليه الرحمة تلك الليلة في المنام وقد سلاني السلوان، وصالحني الأحزان، فبكيت بكاءا شديدا وشكيت إليه من قلة المساعد وكثرة المعاند، وهجر الإخوان، وكثرة العدوان، وتواتر الكذب والبهتان، حتى أوجب ذلك لي جلاءا عن الأوطان، والهرب إلى أراضي آذربايجان، فقال لي:
اقطع خطابك فقد قطعت نياط قلبي، وقد سلمتك إلى الله، فهو سند من لا سند له، وجاز في المسئ بالإحسان، فلك ملك عالم عادل قادر لا يهمل مثقال ذرة، وعوض الآخرة أحب إليك من عوض الدنيا، ومن أجرته إلى الآخرة فهو أحسن وأنت أكسب، ألا ترضى بوصول أعواض لم تتعب فيها أعضاؤك، ولم تكل بها قواك، والله لو علم الظالم والمظلوم بخسارة التجارة وربحها لكان الظلم عند المظلوم مترجى، وعند الظالم متوقى، دع المبالغة في الحزن علي، فإني قد بلغت من المنى أقصاها، ومن الدرجات أعلاها، ومن الغرف ذراها، وأقلل من البكاء،