واحتج أحمد بالقياس على نجاسة الولوغ (1)، وبما روي، عن ابن عمر أنه قال:
أمرنا بغسل الأنجاس سبعا. فينصرف إلى أمر النبي صلى الله عليه وآله (2).
والجواب عن الأول: إن الاحتياط لا يقتضي الإيجاب، وهو معارض ببراءة الذمة، فكان الاستحباب أشبه. وقد توهم بعض الناس (3) أن الشيخ استدل هنا بالإجماع، واستبعده من روايته للمرة. والشيخ لم يستدل بالإجماع هنا كما ترى، بالاحتياط، ولا ريب فيه.
وعن الثاني: إن رواية عمار لا يعول عليها، إذ مع كونها منافية للأصل غير سليمة عن الطعن.
وعن الثالث ببطلان القياس هنا، إذ القياس لا يجري في المقدرات، لكونها غير معقولة المعنى، والقياس فرع ما يعقل المعنى، وهو معارض للنص، فلا يكون مقبولا، ومعارض أيضا بقياس مثله، فإنا نقول: إنها نجاسة غير الكلب، فلا يجب فيها العدد، كنجاسة الأرض.
ومما يدل على بطلان قول أحمد خاصة: ما رواه مسلم، عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال: (إذا قام أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده) (4) أمر بغسلها ثلاثا ليرتفع وهم النجاسة، وذلك إنما يكون بما يرفع حقيقتها.
والبخاري روى هذا الحديث أيضا (5) إلا قوله: (ثلاثا)، فكان الإطلاق يجزي فيه بالمرة الواحدة، ويسوق البحث.