ما بعده (1).
واحتج أبو ثور، والمزني بالقياس على الأواني (2).
واحتج الشافعي، وأبو حنيفة بالقياس عليها أيضا وعلى القبلة (3).
والجواب عن الأول: بالمنع من اشتراط القطع فإنه نفس النزاع، إذ هو شرط مع القدرة، ولا قدرة مع الاشتباه. قوله: وجوب الصلاة وجه تقع عليه الصلاة فلا يؤثر فيه ما بعده وهو اليقين بالبراءة عقيب الصلاتين.
قلنا هذا بناءا على اعتقاده أنا نقول: إن إحدى الصلاتين واجبة والأخرى غير واجبة، فإذا فعلهما حصل له اليقين بفعل الواجب. ونحن لا نقول به، بل الصلاتان معا واجبتان، لكن إحداهما بالذات والأخرى لأجل الاشتباه كما في القبلة والصلاة المنسية ثم نقول: إن اشترطت القطع بعدم النجاسة فهو غير محقق وتكليف ما لا يطاق، وإن اشترطت عدم القطع بالنجاسة فهو ثابت عند الصلاة لكل واحد من الثوبين.
وعن الثاني: بالفرق بين الأواني والثياب، إذ باستعمال النجس ينجس وذلك يمنعه من صحة صلاته في الحال وفيما بعد، ولأن الثوب النجس قد تجوز الصلاة فيه، بخلاف الماء النجس.
وعن الثالث: بالمنع عن ثبوت الحكم في الأصل، أما الأواني فقد بينا أنه لا يجوز التحري فيها (4)، وأما القبلة فكذلك لما يأتي.
وأيضا: فالفرق قد يظهر بين الأواني وبين الثوبين، وأما بين القبلة وبينهما، فلأن القبلة يكثر الاشتباه فيها، بخلاف الثوبين، فسقط اليقين فيها للمشقة ولأن الاشتباه في