ومن طريق الخاصة ما تقدم (1)، فإنها غير دالة على التقييد، بل علق الحكم فيها على إصابة البول المطلق، فيعم بعموم صور وجوده.
ولأنها نجاسة لا تشق إزالتها، فتجب كالكثير. ولأن مبنى الصلاة على التعظيم، وكمال التعظيم بالطهارة من كل وجه، وذلك بإزالة قليل النجاسة وكثيرها إلا ما يخرج بالدليل. ولأن القليل من النجاسة الحكمية وهو الحدث يمنع، فالحقيقة أولى، لأنها أقوى.
احتج أبو حنيفة بقول عمر: إذا كانت النجاسة مثل ظفري هذا لم يمنع جواز الصلاة، وظفره كان قريبا من كف أحدنا (2) ولأن في التحرز عن القليل حرجا، والحرج منفي ولأنها يجتزي فيها بالمسح في محل الاستنجاء، ولو لم يعف عنها لم يكف فيها المسح كالكثير، ولأنه يشق التحرز عنه فيعفى عن قليله كالدم.
والجواب عن الأول: أنه ليس بحجة، إذا لم يروه عن الرسول الله صلى الله عليه وآله.
ولأن ما ذكره من الفتوى عام في النجاسة، وما ذكرناه من الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله خاص في البول، والخاص مقدم على العام. ولأنه يمكن أن يكون المراد بالنجاسة الدم.
وعن الثاني: بالمنع من ثبوت الحرج، إذ ملاقاة البول غير دائمة.
وعن الثالث: بالمنع من الاجتزاء بالمسح فيها، وقد سلف (3).
وعن الرابع: أنه لا مشقة لندوره بخلاف الدم، فإن الإنسان لا يكاد يخلو من بثرة (4)، أو حكة، أو دمل ويخرج من أنفه وفيه وغيرهما، فيشق التحرز منه، فعفي عن يسيره.