ماء موصوف بهذه الصفة التي ذكرها على أي صفة كان من أصل الخلقة من الحرارة والبرودة والعذوبة والملوحة نزل من السماء أو نبع من الأرض في بحر أو نهر أو بئر أو غدير أو غير ذلك وقد دل على ذلك قول الله (وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) وقوله سبحانه (وأنزلنا من السماء ماء طهورا) وقول النبي صلى الله عليه وسلم " الماء طهور لا ينجسه شئ " وقوله في البحر " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " وهذا قول عامة أهل العلم إلا أنه حكي عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو انهما قالا في البحر: التيمم أعجب إلينا منه وهو نادر وحكاه الماوردي عن سعيد بن المسيب والأول أولى لقول الله تعالى (فلم تجدوا ماء فتيمموا) وماء البحر ماء فلا يجوز العدول إلى التيمم مع وجوده، وروي عن أبي هريرة قال سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ بماء البحر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح، وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: من لم يطهره ماء البحر فلا طهره الله - ولأنه ماء باق على أصل خلقته فجاز الوضوء به كالعذب وقولهم هو نار إن أريد به انه نار في الحال فهو خلاف الحس وإن أريد انه بصير نارا لم يمنع ذلك الوضوء به حال كونه ماء.
(ومنها) ان الطهارة من النجاسة لا تحصل إلا بما يحصل به طهارة الحدث لدخوله في عموم الطهارة وبهذا قال مالك والشافعي ومحمد بن الحسن وزفر وقال أبو حنيفة يجوز إزالة النجاسة بكل مائع طاهر