وهي أصح وهي المنصورة عند أصحابنا في الخلاف، ونقل عن أحمد جماعة من أصحابه منهم أبو الحارث والميموني وإسحاق بن منصور جواز الوضوء به وهذا مذهب أبي حنيفة وأصحابه لأن الله تعالى قال (فلم تجدوا ماء فتيمموا) وهذا عام في كل ماء لأنه نكرة في سياق النفي والنكرة في سياق النفي تعم فلا يجوز التيمم مع وجوده، وأيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر " التراب كافيك ما لم تجد الماء " وهذا واجد للماء، ولان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يسافرون وغالب أسقيتهم الادم والغالب أنها تغير الماء فلم ينقل عنهم تيمم مع وجود شئ من تلك المياه، ولأنه طهور خالطه طاهر لم يسلبه اسم الماء ولا رقته ولا جريانه فأشبه المتغير بالدهن - ووجه الأولى أنه ماء تغير بمخالطة ما ليس بطهور يمكن الاحتراز منه فلم يجز الوضوء به كماء الباقلا المغلي، ولأنه زال عن اطلاقه فأشبه المغلي. إذا ثبت هذا فإن أصحابنا لم يفرقوا بين المذرور في الماء مما يختلط بالماء كالزعفران والعصفر والأشنان ونحوه وبين الحبوب من الباقلا والحمص والثمر كالتمر والزبيب والورق وأشباه ذلك، وقال أصحاب الشافعي ما كان مذرورا منع إذا غير الماء وما عداه لا يمنع إلا أن ينحل في الماء، وإن غيره من غير انحلال لم يسلب طهوريته لأنه تغير مجاورة أشبه تغيير الكافور، ووافقهم أصحابنا في الخشب والعيدان وخالفوهم في سائر ما ذكرنا لأن تغير الماء به إنما كان لانفصال أجزاء منه إلى الماء وانحلالها فيه فوجب أن يمنع كما لو طبخ فيه، ولأنه ماء تغير بمخالطة طاهر يمكن صونه عنه أشبه ما لو أغلي فيه.
* (الضرب الثالث) * من المضاف ما يجوز الوضوء به رواية واحدة وهو أربعة أنواع (أحدها) ما أضيف إلى محله ومقره كماء النهر والبئر وأشباههما لهذا لا ينفك منه ماء وهي إضافة إلى غير مخالط وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم (الثاني) مالا يمكن التحرز منه كالطحلب والخز وسائر ما ينبت في الماء وكذلك ورق الشجر الذي يسقط في الماء أو تحمله الريح فتلقيه فيه وما تجذبه السيول من العيدان والتبن نحوه فتلقيه في الماء وما هو قرار الماء كالكبريت والقار وغيرهما إذا جرى عليه الماء فتغير به أو