بها صحت صلاته فإن لم يكن بين يديه شئ شاخص أو كان بين يديه آجر معبى غير مبني أو خشب غير مسمور فيها فقال أصحابنا: لا تصح صلاته لأنه غير مستقبل لشئ منها، وإن كان الخشب مسمورا والآجر مبنيا صحت صلاته لأن ذلك تابع لها، والأولى أنه لا يشترط كون شئ منها بين يديه لأن الواجب استقبال موضعها وهوائها دون حيطانها بدليل ما لو انهدمت الكعبة صحت الصلاة إلى موضعها، ولو صلى على جبل عال يخرج عن مسامتتها صحت صلاته إلى هوائها كذا ههنا (فصل) وفي الصلاة في الموضع المغصوب روايتان (إحداهما) لا تصح وهو أحد قولي الشافعي (والثانية) تصح وهو قول أبي حنيفة ومالك والقول الثاني للشافعي لأن النهي لا يعود إلى الصلاة فلم يمنع صحتها كما لو صلى وهو يرى غريقا يمكنه انقاذه فلم ينقذه. أو حريقا يقدر على إطفائه فلم يطفئه أو مطل غريمه الذي يمكن ايفاؤه وصلى ولنا أن الصلاة عبارة أتى بها على الوجه المنهي عنه فلم تصح كصلاة الحائض وصومها وذلك لأن النهي يقتضي تحريم الفعل واجتنابه والتأثيم بفعله فكيف يكون مطيعا بما هو عاص به، ممتثلا بما هو محرم عليه متقربا بما يبعد به فإن حركاته وسكناته من القيام والركوع والسجود أفعال اختيارية هو عاص بها منهي عنها، فأما من رأى الحريق فليس بمنهي عن الصلاة إنما هو مأمور باطفاء الحريق وانقاذ الغريق وبالصلاة إلا أن أحدهما آكد من الآخر، أما في مسئلتنا فإن أفعال الصلاة في نفسها منهي عنها إذا ثبت هذا فلا فرق بين غصبه لرقبة الأرض بأخذها أو دعواه ملكيتها وبين غصبه منافعها بأن يدعي إجارتها ظالما أو يضع يده عليها ليسكنها مدة أو يخرج روشنا أو ساباطا في موضع لا يحل له أو يغصب راحلة ويصلي عليها أو سفينة ويصلي فيها أو لوحا فيجعله في سفينة ويصلي عليه كل ذلك حكمه في الصلاة حكم الدار على ما بيناه.
(فصل) قال أحمد رحمه الله: تصلى الجمعة في موضع الغصب يعني لو كان الجامع أو موضع منه مغصوبا صحت الصلاة فيه لأن الجمعة تختص ببقعة فإذا صلاها الإمام في الموضع المغصوب فامتنع