في هذا إلى الوجود وقد وجد حيض من نساء ثقات أخبرن به عن أنفسهن بعد الخمسين فوجب اعتقاد كونه حيضا كما قبل الخمسين، ولان الكلام فيما إذا وجد من المرأة دم في زمن عادتها على وجه كانت تراه قبل ذلك فالوجود ههنا دليل الحيض كما كان قبل الخمسين دليلا فوجب جعله حيضا، وأما ايجاب الصلاة والصوم فيه فللاحتياط لوقوع الخلاف فيه، والصحيح أنه لا فرق بين نساء العرب وغيرهن لأنهن لا يختلفن في سائر أحكام الحيض فكذلك في هذا، وما ذكر عن عائشة لا حجة فيه لأن وجود الحيض أمر حقيقي المرجع فيه إلى الوجود والوجود لا علم لها به ثم قد وجد بخلاف ما قالته فإن موسى بن عبد الله بن حسن قد ولدته أمه بعد الخمسين ووجد الحيض فيما بعد الخمسين على وجهه فلا يمكن انكاره، فإن قيل هذا الدم ليس بحيض مع كونه على صفته وفي وقته وعادته بغير نص فهذا تحكم لا يقبل، فأما بعد الستين فقد زال الاشكال وتيقن أنه ليس بحيض لأنه لم يوجد، وقد علم أن للمرأة حالا تنتهي فيه إلى الإياس لقول الله تعالى (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم) قال أحمد في المرأة الكبيرة ترى الدم لا يكون حيضا هو بمنزلة الجرح وان اغتسلت فحسن وقال عطاء هي بمنزلة المستحاضة ومعنى القولين واحد وذلك لأن هذا الدم إذا لم يكن حيضا فهو دم فساد وحكمها حكم المستحاضة ومن به سلس البول على ما مر حكمهما (فصل) وأقل سن تحيض له المرأة تسع سنين لأن الصغيرة لا تحيض بدليل قول الله تعالى (واللائي لم يخضن) ولان المرجع فيه إلى الوجود ولم يوجد من النساء من يحضن عادة فيما دون هذا السن، ولان دم الحيض إنما خلقه الله لحكمة تربية الحمل به فمن لا تصلح للحمل لا توجد فيها حكمته فينتفي لانتفاء حكمته كالمني فإنهما متقاربان في المعنى فإن أحدهما يخلق منه الولد والآخر يربيه ويغذيه، وكل واحد منهما لا يوجد من صغير ووجوده علم على البلوغ وأقل سن تبلغ له الجارية تسع سنين فكان ذلك أقل سن تحيض له، وقد روي عن عائشة أنها قالت إذا بلغت الجارية تسع سنين فهي امرأة وروي ذلك مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والمراد به حكمها حكم المرأة وهذا قول الشافعي وقد حكي عنه أنه قال: رأيت جدة بنت إحدى وعشرين سنة وهذا يدل على أنها حملت
(٣٧٣)