(فصل) فإن خرج شبيه المني لمرض أو برد لا عن شهوة فلا غسل فيه، وهذا قول أبي حنيفة ومالك، وقال الشافعي يجب به الغسل ويحتمله كلام الخرقي لقوله عليه السلام " إذا رأت الماء " وقوله " الماء من الماء " ولأنه مني خارج فأوجب الغسل كما لو خرج حال الاغماء.
ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف المني الموجب للغسل بكونه أبيض غليظا وقال لعلي " إذا فضخت الماء فاغتسل " رواه أبو داود والأثرم " إذا رأيت فضخ الماء فاغتسل " والفضخ خروجه على وجه الشدة وقال إبراهيم الحربي خروجه بالعجلة. وقوله إذا رأت الماء يعني الاحتلام وإنما يخرج في الاحتلام بالشهوة والحديث الآخر منسوخ على أن هذا يجوز أن يمنع كونه منيا لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصف المني بصفة غير موجودة في هذا.
(فصل) فإن أحس بانتقال المني عند الشهوة فأمسك ذكره فلم يخرج فلا غسل عليه في ظاهر قول الخرقي وإحدى الروايتين عن أحمد وقول أكثر الفقهاء، والمشهور عن أحمد وجوب الغسل وأنكر أن يكون الماء يرجع وأحب أن يغتسل ولم يذكر القاضي في وجوب الغسل خلافا، قال لأن الجنابة تباعد الماء عن محله وقد وجد فتكون الجنابة موجود فيجب الغسل بها ولان الغسل تراعى فيه الشهوة وقد حصلت بانتقاله فأشبه ما لو ظهر.
ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم علق الاغتسال على الرؤية وفضخه بقوله " إذا رأت الماء وإذا فضخت الماء فاغتسل " فلا يثبت الحكم بدونه وما ذكره من الاشتقاق لا يصح لأنه يجوز أن يسمى