ولنا أحاديث النهي وهي صحيحة. وحديث جابر يحتمل أنه رآه في البنيان أو مستترا بشئ ولا يثبت النسخ بالاحتمال ويتعين حمله على ما ذكرنا ليكون موافقا للأحاديث التي نذكرها، فأما في البنيان أو إذا كان بينه وبين القبلة شئ يستره ففيه روايتان (إحداهما) لا يجوز أيضا وهو قول الثوري وأبي حنيفة لعموم الأحاديث في النهي (والثانية) يجوز استقبالها واستدبارها في البنيان، روي ذلك عن العباس وابن عمر رضي الله عنهما وبه قال مالك والشافعي وابن المنذر وهو الصحيح لحديث جابر وقد حملناه على أنه كان في البنيان، وروت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر له أن قوما يكرهون استقبال القبلة بفروجهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أوقد فعلوها؟ استقبلوا بمقعدتي القبلة " رواه أصحاب السنن وأكثر أصحاب المسانيد منهم أبو داود الطيالسي رواه عن خالد بن الصلت عن عراك بن مالك عن عائشة قال أبو عبد الله: أحسن ما روي في الرخصة حديث عائشة وإن كان مرسلا فإن مخرجه حسن. قال أحمد: عراك لم يسمع من عائشة فلذلك سماه مرسلا وهذا كله في البنيان وهو خاص يقدم على العام، وعن مروان بن الأصفر قال رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة ثم جلس يبول إليها فقلت يا أبا عبد الرحمن أليس قد نهي عن هذا؟ قال بلى إنما نهي عن هذا في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شئ يسترك فلا بأس، رواه أبو داود. وهذا تفسير لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم العام وفيه جمع بين الأحاديث فيتعين المصير إليه، وعن أحمد أنه يجوز
(١٥٤)