(فصل) هل يجوز الانتفاع به في اليابسات؟ فيه روايتان (إحداهما) لا يجوز لقوله " لا تنتفعوا من الميتة بشئ " وقوله " لا تنتفعوا من الميتة باهاب ولا عصب " (والثانية) يجوز الانتفاع به لقول النبي صلى الله عليه وسلم " الا أخذوا إهابها فانتفعوا به " وفي لفظ " الا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به " ولان الصحابة رضي الله عنهم لما فتحوا فارس انتفعوا بسروجهم وأسلحتهم وذبائحهم ميتة ولأنه انتفاع من غير ضرر أشبه الاصطياد بالكلب وركوب البغل والحمار.
(فصل) فأما جلود السباع فقال القاضي لا يجوز الانتفاع بها قبل الدبغ ولا بعده وبذلك قال الأوزاعي ويزيد بن هارون وابن المبارك وإسحاق وأبو ثور، وروي عن عمر وعلي رضي الله عنهما كراهة الصلاة في جلود الثعالب وكرهه سعيد بن جبير والحكم ومكحول وإسحاق، وكره الانتفاع بجلود السنانير عطاء وطاوس ومجاهد وعبيدة السلماني ورخص في جلود السباع جابر وروي عن ابن سيرين وعروة أنهم رخصوا في الركوب على جلود النمور ورخص فيها الزهري، وأباح الحسن والشعبي وأصحاب الرأي الصلاة في جلود الثعالب لأن الثعالب تفدى في الاحرام فكانت مباحة ولما ثبت من الدليل على طهارة جلود الميتة بالدباغ.
ولنا ما روى أبو ريحانة: قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ركوب النمور. أخرجه أبو داود وابن ماجة، وعن معاوية والمقدام بن معديكرب. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها. رواه أبو داود، وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن افتراش جلود السباع رواه الترمذي ورواه أبو داود ولفظه إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود السباع. مع ما سبق من نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الانتفاع بشئ من الميتة. وأما الثعالب فيبنى حكمها على حلها وفيها روايتان كذلك يخرج في جلودها فإن قلنا بتحريمها فحكم جلودها حكم جلود بقية السباع وكذلك السنانير البرية فاما الأهلية فمحرمة وهل تطهر جلودها بالدباغ؟ يخرج على روايتين.