يتوضأ ويتيمم قال مالك: ويغسل الاناء الذي ولغ فيه الكلب تعبدا. واحتج بعضهم على طهارته بأن الله تعالى قال (فكلوا مما أمسكن عليكم) ولم يأمر بغسل ما أصابه فمه وروى ابن ماجة باسناده عن أبي سعيد الخدري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الحياض التي بين مكة والمدينة تردها السباع والكلاب والحمر وعن الطهارة بها فقال " لها ما حملت في بطونها ولنا ما غبر طهور " ولأنه حيوان فكان طاهرا كالمأكول.
ولنا ما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا " متفق عليه ولمسلم " فليرقه (1) ثم ليغسله سبع مرات " ولو كان سؤره طاهرا لم تجز إراقته ولا وجب غسله (فإن قبل) إنما وجب غسله تعبدا كما تغسل أعضاء الوضوء وتغسل اليد من نوم الليل قلنا الأصل وجوب الغسل من النجاسة بدليل سائر الغسل. ثم لو كان تعبدا لما أمر بإراقة الماء ولما اختص الغسل بموضع الولوغ لعموم اللفظ في الاناء كله. وأما غسل اليد من النوم فإنما أمر به للاحتياط لاحتمال أن تكون يده قد أصابتها نجاسة فيتنجس الماء ثم تنجس أعضاؤه به. وغسل أعضاء الوضوء شرع للوضاءة والنظافة ليكون العبد في حال قيامه بين يدي الله تعالى على أحسن حال وأكملها.
ثم إن سلمنا ذلك فإنما عهدنا التعبد في غسل اليدين، أما الآنية والثياب فإنما يجب غسلها من النجاسات وقد روي في لفظ " طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبعا " أخرجه أبو داود (2) ولا يكون الطهور إلا في محل الطهارة (وقولهم) ان الله تعالى أمر بأكل ما أمسكه الكلب قبل غسله قلنا الله تعالى أمر بأكله والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسله فيعمل بأمرهما، وإن سلمنا أنه لا يجب غسله فلانه يشق فعفي عنه. وحديثهم قضية في عين يحتمل ان الماء المسؤول عنه كان كثيرا ولذلك قال في موضع آخر حين سئل عن الماء وما ينوبه من السباع " إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث " ولأن الماء لا ينجس إلا بالتغير على رواية لنا وشربها من الماء لا يغيره فلم ينجسه ذلك.
(النوع الثاني) ما اختلف فيه وهو سائر سباع البهائم إلا السنور وما دونها في الخلقة وكذلك جوارح الطير والحمار الأهلي والبغل فعن أحمد ان سؤرها نجس إذا لم يجد غيره تيمم وتركه، روي عن ابن عمر انه كره سؤر الحمار وهو قول الحسن وابن سيرين والشعبي والأوزاعي وحماد وإسحاق.
وعن أحمد أنه قال في البغل والحمار إذا لم يجد غير سؤرهما تيمم معه وهو قول أبي حنيفة والثوري