منها إلا بالطريقة الإلهية وهي قوله تعالى إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا وقوله خلق الإنسان علمه البيان فهو يبين عما في نفسه ولهذا القطب أسرار عجيبة وأما القطب الثالث وهو على قدم موسى ع فسورته إذا جاء نصر الله والفتح ومنازله بعدد آيها ولها ربع القرآن وهذا القطب كان من الأوتاد ثم نقل إلى القطبية كما كان القطب الثاني من الأئمة ثم نقل إلى القطبية وهو صاحب جهد ومكابدة لا ينفك عن الاشتغال بالخلق عند الله أعطاه الله في منزل النداء اثني عشر ألف علم ذوقا في ليلة واحدة ومنزل النداء من أعظم المنازل وقد عيناه في منزل المنازل من هذا الكتاب ولنا فيه جزء مفرد أعني في طبقات المنازل وكمياتها فمن علوم هذا القطب علم الافتقار إلى الله بالله وهو علم شريف ما رأيت له ذائقا لما ذقته ومعنى هذا وسره إن الله أطلعه على إن حاجة الأسماء إلى التأثير في أعيان الممكنات أعظم من حاجة الممكنات إلى ظهور الأثر فيها وذلك أن الأسماء لها في ظهور آثارها السلطان والعزة والممكنات قد يحصل فيها أثر تتضرر به وقد تنتفع به وهي على خطر فبقاؤها على حالة العدم أحب إليها لو خيرت فإنها في مشاهدة ثبوتية حالية ملتذة بالتذاذ ثبوتي منعزلة كل حالة عن الحالة الأخرى لا تجمع الأحوال عين واحدة في حال الثبوت فإنها تظهر في شيئية الوجود في عين واحدة فزيد مثلا الصحيح في وقت هو بعينه العليل في وقت آخر والمعافي في وقت هو المبتلى في وقته ذلك بعينه وفي الثبوت ليس كذلك فإن الألم في الثبوت ما هو في عين المتألم وإنما هو في عينه فهو ملتذ بثبوته كما هو ملتذ بوجوده في المتألم والمحل متألم به وسبب ذلك أن الثبوت بسيط مفرد غير قائم شئ بشئ وفي الوجود ليس إلا التركيب فحامل ومحمول فالمحمول أبدا منزلته في الوجود مثل منزلته في الثبوت في نعيم دائم والحامل ليس كذلك فإنه إن كان المحمول يوجب لذة التذ الحامل وإن أوجب ألما تألم الحامل ولم يكن له ذلك في حال الثبوت بل العين الحاملة في ثبوتها تظهر فيما تكون عليه في وجودها إلى ما لا يتناهى فكل حال تكون عليها هو إلى جانبها ناظر إليها لا محمول فيها فالعين ملتذة بذاتها والحال ملتذ بذاته فحال الأحوال لا يتغير ذوقه بالوجود وحال الحامل يتغير بالوجود وهو علم عزيز وما تعلم الأعيان ذلك في الثبوت إلا بنظر الحال إليها ولكن لا تعلم أنه إذا حملته تتألم به لأنها في حضرة لا تعرف فيها طعم الآلام بل تتخذه صاحبا فلو علمت العين أنها تتألم بذلك الحال إذا اتصف به لتألمت في حال ثبوتها بنظره إياها لعلمها أنها تتلبس به وتحمله في حال وجودها فتألفها به في الثبوت تنعم لها وهذا الفن من أكبر أسرار علم الله في الأشياء شاهدته ذوقا إلهيا لأن من عباد الله من يطلعه الله كشفا على الأعيان الثبوتية فيراها على صورة ما ذكرناها من المجاورة والنظر ما يرى فيها حالا ولا محلا بل كل ذات على انفراد * من غير شوب ولا اتحاد ولا حلول ولا انتقال * ولا اتفاق ولا عناد فإذا فهمت الفرق بين الوجود والثبوت وما للأعيان في الوجود وما لها في الثبوت من الأحكام علمت إن بعض الأعيان لا تريد ظهور الأثر فيها بالحال ما لها في ذلك ذوق فهي بالحال لو عرض عليها ذوق الألم في حال الثبوت لضجت فإن أمرها في حال الوجود إذا حملت الألم قد تحمل الصبر وقد لا تحمله وفرضناها في حال الثبوت حاملة فاقدة للصبر فما لها بلسان الحال ذلك الافتقار إلى طلب الوجود وإن طلبته بالقول الثبوتي من الله فإذا وجدت تقول كما قد نقل عن بعضهم ليثني لم أخلق ليت عمر لم تلده أمه ليتها كانت عاقرا وأمثال هذا فتكون الأعيان أقل افتقارا من الأسماء والأسماء أشد افتقارا لما لها في ذلك من النعيم ولا سيما وهي تشاهد من الحق الابتهاج الذاتي بالكمال من حيث استصحاب الممكنات في ثبوتها لذاته وإنه منزه عن أثرها والتأثر بسببها فهو من حيث ذاته في كمال عن التأثر في حال ثبوت الأعيان وحال وجودها لأنه ما زاد في نفسه علما بما لم تكن عليه فيها فإنها أعطته العلم بشأنها أزلا وبتلك الصورة توجد فالمجاورة في الثبوت حلول في الوجود ففي الثبوت إلى جانبها وفي الوجود حال فيها فهذا علم واحد من تلك العلوم فاعلم ذلك وأما القطب الرابع الذي على قدم عيسى ع فسورته من القرآن قل يا أيها الكافرون ولها ربع القرآن ومنازله بعدد آيها وهذا القطب من الضنائن المصانين له التجلي
(٨١)