الذي يختم الله به الولاية العامة في آخر الزمان وهو عيسى بن مريم روح الله فإن سئل عن ذلك فهو يترجم عنهم وعن تفاضلهم فإنه رسول منهم وأما نحن فلا سبيل إلى ذلك فكلامنا في أقطاب الأمم الذين هم ورثة أنبيائهم وإرسالهم وفي أقطاب هذه الأمة المحمدية المتأخرة المنعوتة بالخيرية على جميع الأمم السالفة مؤمنيهم وكافريهم فكافرهم شر من كافري الأمم ومؤمنهم خير من مؤمني الأمم فلهم التقدم كما ورد في الخبر في قريش أنهم المقدمون على جميع القبائل في الخير والشر وجعل الإمامة فيهم سواء عدلوا أم جاروا فإن عدلوا فلرعيتهم ولهم وإن جاروا فلرعيتهم وعليهم يعني ما فرطوا فيه من حقوق الله وحقوق من استرعاهم الله عليهم فأقطاب هذه الأمة المختارة مقدمون على الأقطاب المتقدمين في الأمم السالفة أعني الأقطاب الوارثين المتبعين آثار رسلهم ثم نرجع ونقول إن أقطاب هذه الأمة المحمدية على أقسام مختلفة وما أعني بالأقطاب الذين لا يكون في كل عصر منهم إلا واحد إنما نذكر ذلك في الاثني عشر قطبا في الباب الذي يلي هذا الباب وإنما أذكر في الأقطاب المحمديين كل من دار عليه أمر جماعة من الناس في إقليم أو جهة كالإبدال في الأقاليم السبعة لكل إقليم بدل هو قطب ذلك الإقليم وكالأوتاد الأربعة لهم أربع جهات يحفظها الله بهم من شرق وغرب وجنوب وشمال لكل جهة وتد وكأقطاب القرى فلا بد في كل قرية من ولي لله تعالى به يحفظ الله تلك القرية سواء كانت تلك القرية كافرة أو مؤمنة فذلك الولي قطبها وكذلك أصحاب المقامات فلا بد للزهاد من قطب يكون المدار عليه في الزهد في أهل زمانه وكذلك في التوكل والمحبة والمعرفة وسائر المقامات والأحوال لا بد في كل صنف صنف من أربابها من قطب يدور عليه ذلك المقام ولقد أطلعني الله تعالى على قطب المتوكلين فرأيت التوكل يدور عليه كأنه الرحى حين تدور على قطبها وهو عبد الله بن الأستاذ الموروري من مدينة مورور ببلاد الأندلس كان قطب التوكل في زمانه عاينته وصحبته بفضل الله وكشفه لي ولما اجتمعت به عرفته بذلك فتبسم وشكر الله تعالى وكذلك اجتمعت بقطب الزمان سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة بمدينة فاس أطلعني الله عليه في واقعة وعرفني به فاجتمعنا يوما ببستان بن حيون بمدينة فاس وهو في الجماعة لا يؤبه له فحضر في الجماعة وكان غريبا من أهل بجاية أشل اليد وكان في المجلس معنا شيوخ من أهل الله معتبرون في طريق الله منهم أبو العباس الحصار وأمثاله وكانت تلك الجماعة بأسرها إذا حضروا يتأدبون معنا فلا يكون المجلس إلا لنا ولا يتكلم أحد في علم الطريق فيهم غيري وإن تكلموا فيما بينهم رجعوا فيها إلي فوضع ذكر الأقطاب وهو في الجماعة فقلت لهم يا إخواني إني أذكر لكم في قطب زمانكم عجبا فالتفت إلى ذلك الرجل الذي أراني الله في منامي أنه قطب الوقت وكان يختلف إلينا كثيرا ويحبنا فقال لي قل ما أطلعك الله عليه ولا تسم الشخص الذي عين لك في الواقعة وتبسم وقال الحمد لله فأخذت أذكر للجماعة ما أطلعني الله عليه من أمر ذلك الرجل فتعجب السامعون وما سميته ولا عينته وبقينا في أطيب مجلس مع أكرم إخوان إلى العصر ولا ذكرت للرجل أنه هو فلما انفضت الجماعة جاء ذلك القطب وقال جزاك الله خيرا ما أحسن ما فعلت حيث لم تسم الشخص الذي أطلعك الله عليه والسلام عليك ورحمة الله فكان سلام وداع ولا علم لي بذلك فما رأيته بعد ذلك في المدينة إلى الآن فالأقطاب المحمديون هم الذين ورثوا محمدا ص فيما اختص به من الشرائع والأحوال مما لم يكن في شرع تقدمه ولا في رسول تقدمه فإن كان في شرع تقدم شرعه وهو من شرعه أو في رسول قبله وهو فيه ص فذلك الرجل وارث ذلك الرسول المخصوص ولكن من محمد ص فلا ينسب إلا إلى ذلك الرسول وإن كان في هذه الأمة فيقال فيه موسوي إن كان من موسى أو عيسوي أو إبراهيمي أو ما كان من رسول أو نبي ولا ينسب إلى محمد ص إلا من كان بمثابة ما قلناه مما اختص به محمد ص وليس أعم في الاختصاص من عدم التقييد بمقام يتميز به فما يتميز المحمدي إلا بأنه لا مقام له بتعين فمقامه إن لا مقام ومعنى ذلك ما نبينه وهو أن الإنسان قد تغلب عليه حالته فلا يعرف إلا بها فينسب إليها ويتعين بها والمحمدي نسبة المقامات إليه نسبة الأسماء لي الله فلا يتعين في مقام ينسب إليه بل هو في كل نفس وفي كل زمان وفي كل حال بصورة ما يقتضيه ذلك النفس أو الزمان أو الحال فلا يستمر تقيده فإن الأحكام الإلهية تختلف في كل زمان فيختلف باختلافها فإنه عز وجل كل يوم هو
(٧٦)