بعد بلوغ المسافة لم يؤثر في الترخص بل الواجب هو القصر لحصول الشرط، فلو تمادى في سفره مترددا والحال هذه ومضى عليه ثلاثون يوما فهل يكون بمثابة من تردد وهو مقيم في المصر؟ قال في الذكرى: فيه نظر من وجود حقيقة السفر فلا يضر التردد ومن اختلال القصد. انتهى. وبالأول صرح الشيخ في النهاية كما سيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في عبارته، وهو مشكل لأن مورد النص التردد في المصر بأن يقول أسافر اليوم أو غدا حتى يمضي له ثلاثون يوما، والحاق التردد في هذه الصورة بين السفر وعدمه لا يخلو من إشكال كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى الثالث - قال في المنتهى: ولو خرج من بلده إن وجد رفقة سافر وإلا رجع أتم ما لم يسر ثمانية فراسخ. وقال الشيخ في النهاية إذا خرج قوم إلى السفر وساروا أربعة فراسخ وقصروا من الصلاة ثم أقاموا ينتظرون رفقة لهم في السفر فعليهم التقصير إلى أن يتيسر لهم العزم على المقام فيرجعون إلى التمام ما لم يتجاوزا ثلاثين يوما، وإن كان مسيرهم أقل من أربعة فراسخ وجب عليهم الاتمام إلى أن يسيروا فإذا ساروا رجعوا إلى التقصير. والتحقيق ما قلناه نحن أولا. انتهى كلامه في المنتهى وأنت خبير بما فيه من النظر الظاهر لكل ناظر فإن مقتضى كلامه (قدس سره) أولا إنما هو من خرج من بلده معلقا سفره على وجود الرفقة، وهذا غير قاصد للسفر جزما وحكمه هو الاتمام وإن قطع مسافات عديدة بهذه الكيفية، لاختلال شرط وجوب التقصير وهو القصد إلى المسافة. وقوله إنه يتم ما لم يسر ثمانية فراسخ لا أعرف له وجها. ومقتضى كلام الشيخ في النهاية إنما هو من سافر قاصدا للمسافة جازما بالسفر ثم عرض له بعد ذلك انتظار الرفقة، وهذا متفرع على شرط استمرار القصد كما تقدم. وما ذكره الشيخ من التقصير هنا جيد كما تقدم في رواية إسحاق بن عمار من قوله عليه السلام " إن كانوا بلغوا مسيرة أربعة فراسخ فليقيموا على تقصيرهم أقاموا أم انصرفوا، وإن كانوا ساروا أقل من أربعة فراسخ فليتموا الصلاة ما أقاموا فإذا مضوا فليقصروا " ثم ذكر عليه السلام العلة في ذلك على
(٣٣٧)