فاختلفت الرواية في وجوبه فروي عن أحمد وجوبه وهو الظاهر عنه واختيار أبي بكر وهو مذهب ابن عمر وأبي هريرة والحسن البصري لقول النبي صلى الله عليه وسلم " إذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يديه قبل أن يدخلهما الاناء ثلاثا فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده " متفق عليه وفي لفظ لمسلم " فلا يغمس يده في وضوء حتى يغسلهما ثلاثا " وأمره يقتضى الوجوب ونهيه يقتضي التحريم وروي أن ذلك مستحب وليس بواجب وبه قال عطاء ومالك والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي وابن المنذر لأن الله تعالى قال " إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) الآية قال زيد بن أسلم في تفسيرها إذا قمتم من نوم ولان القيام من النوم داخل في عموم الآية وقد أمره بالوضوء من غير غسل الكفين في أوله والامر بالشئ يقتضي حصول الاجزاء به ولأنه قائم من نوم فأشبه القائم من نوم النهار والحديث محمول على الاستحباب لتعليله بما يقتضي ذلك وهو قوله " فإنه لا يدري أين باتت يده " وطريان الشك على يقين الطهارة لا يؤثر فيها كما لو تيقن الطهارة وشك في الحدث فيدل ذلك على أنه أراد الندب (فصل) ولا تختلف الرواية في أنه لا يجب غسلهما من نوم النهار وسوى الحسن بين نوم الليل ونوم النهار في الوجوب لعموم قوله: إذا قام أحدكم من نومه " ولنا أن في الخبر ما يدل على إرادة نوم الليل لقوله " فإنه لا يدري أين باتت يده " والمبيت يكون بالليل خاصة، ولا يصح قياس غيره عليه لوجهين (أحدهما) ان الحكم ثبت تعبدا فلا يصح تعديته (الثاني) ان الليل مظنة النوم والاستغراق فيه وطول مدته فاحتمال إصابة يده لنجاسة لا يشعر بها أكثر من احتمال ذلك في نوم النهار، قال أحمد في رواية الأثرم: الحديث في المبيت بالليل فأما النهار فلا بأس به.
(فصل) فإن غمس يده في الاناء قبل غسلها فعلى قول من لم يوجب غسلها لا يؤثر غمسها شيئا ومن أوجبه قال: إن كان الماء كثيرا يدفع النجاسة عن نفسه لم يؤثر أيضا لأنه يدفع الخبث عن نفسه وإن كان يسيرا فقال أحمد: أعجب إلي أن يهريق الماء فيحتمل أن تجب إراقته وهو قول الحسن