لوجهين (أحدهما) ان هذا لا يعرفه إلا خواص الناس فلا تنكسر قلوب الفقراء باستعماله بخلاف الأثمان (والثاني) أن هذه الجواهر لقلتها لا يحصل اتخاذ الآنية منها إلا نادرا فلا تفضي إباحتها إلى اتخاذها واستعمالها وتعلق التحريم بالأثمان التي هي واقعة في مظنة الكثرة فلم يتجاوزه كما تعلق حكم التحريم في اللباس بالحرير وجاز استعمال القصب من الثياب وان زادت قيمته على قيمة الحرير ولأنه لو جعل فص خاتمه جوهرة ثمينة جاز، وخاتم الذهب حرام ولو جعل فصه ذهبا كان حراما وان قلت قيمته.
" مسألة " قال (وصوف الميتة وشعرها طاهر) يعني شعر ما كان طاهرا في حياته وصوفه، وروي ذلك عن الحسن وابن سيرين وأصحاب عبد الله قالوا إذا غسل وبه قال مالك والليث بن سعد والأوزاعي وإسحاق وابن المنذر وأصحاب الرأي، وروي عن أحمد ما يدل على أنه نجس وهو قول الشافعي لأنه ينمي من الحيوان فينجس بموته كأعضائه.
ولنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا بأس بمسك الميتة إذا دبغ وصوفها وشعرها إذا غسل " رواه الدارقطني وقال لم يأت به الا يوسف بن السفر وهو ضعيف ولأنه لا تفتقر طهارة منفصلة إلى ذكاة أصله فلم ينجس بموته كاجزاء السمك والجراد ولأنه لا يحله الموت فلم ينجس بموت الحيوان كبيضه والدليل على أنه لا حياة فيه أنه لا يحس ولا يألم وهما دليلا الحياة ولو انفصل في الحياة كان طاهرا ولو كانت فيه حياة لنجس بفصله لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ما أبين من حي فهو ميت " رواه أبو داود بمعناه وما ذكروه ينتقض بالبيض، ويفارق الأعضاء فإن فيها حياة وتنجس بفصلها في حياة الحيوان، والنمو بمجرده ليس بدليل الحياة فإن الحشيش ينمي ولا ينجس.
(فصل) والريش كالشعر فيما ذكرنا لأنه في معناه فأما أصول الريش والشعر إذا كان رطبا إذا نتف من الميتة فهو نجس لأنه رطب في محل نجس وهل يكون طاهرا بعد غسله؟ على وجهين (أحدهما) أنه طاهر كرؤس الشعر إذا تنجس (والثاني) أنه نجس لأنه جزء من اللحم لم يستكمل شعرا ولا ريشا (فصل) وشعر الآدمي طاهر متصله ومنفصله في حياة الآدمي وبعد موته وقال الشافعي في