وأما المباح فهو مثل سفر التجارة وطلب الأرباح لذلك وطلب القوت لأنفسهم ولأهليهم، وأما القبيح فهو مثل سفر متبع السلطان الجائر مختارا، ومن هو باغ أو عاد، أو يسعى في قطع الطريق، وما أشبه ذلك ومن طلب الصيد للهو والبطر فأما أصحاب الوجوه الثلاثة التي هي الواجب والندب والمباح فعليهم التقصير في الصلاة والصوم، وأما أصحاب الوجه الرابع وهو القبيح فعليهم الإتمام في الصلاة والصوم، ومن كان سفره في طلب صيد التجارة لا لقوته وقوت عياله وأهله فقد ورد أنه يتم الصلاة ويفطر الصوم (1).
ومن سافر سفرا يلزمه فيه التقصير فلا يجوز له ذلك حتى يخفى عليه أذان مصره أو يتوارى عنه جدران مدينته خرابا كانت أو عامرة، فإن كان باديا فحتى تجاوز الموضع الذي يستقر فيه منزله، وإن كان مقيما في واد حتى تجاوز أرضه، وإن سار عنه طولا حتى يغيب عن موضع منزله.
ومن مر في طريقه على مال له أو ضيعة يملكها، أو كان في طريقه أهل أو من جرى مجراهم ونزل عليهم ولم ينو المقام عندهم عشرة أيام كان عليه التقصير.
والسفر الذي يلزم فيه التقصير هو ما كان مسافته ثمانية فراسخ أو ما زاد على ذلك أو أربعة فراسخ إذا نوى العود من يومه، وقد ذكر التخيير بين القصر والاتمام لمن كان سفره أربعة فراسخ ولم ينو الرجوع من يومه.
وجميع من كان سفره أكثر من حضره مثل الملاح، والمكاري، والجمال والبدوي إذا طلب القطر والنبت، والرعاة، والأمراء الذين يدورون في إماراتهم، والجباة الذين يسعون في جباياتهم، ومن يدور من سوق إلى سوق في تجارته، فإن الإتمام لازم لهم ولا يجوز لأحد منهم التقصير إلا أن يقيم في بلده عشرة أيام، فإن أقام ذلك قصر، وإن كان مقامه خمسة أيام قصر بالنهار وتمم بالليل والتقصير في