شئ أي تشبه هذه الآية الآية الأخرى وأصل باب الأقطاب قوله ص كلكم راع حتى الإنسان على جوارحه وجميع قواه من بادية وهي الظاهرة وحاضرة وهي الباطنة فاعلم أن الأمور كثيرة مختلفة في العالم فكل شئ يدور عليه أمر ما من الأمور فذلك الشئ قطب ذلك الأمر وما من شئ إلا وهو مركب من روح وصورة فلا بد أن يكون لكل قطب روح وصورة فروحه تدور عليه أرواح ذلك الأمر الذي هذا قطبه وصورة ذلك القطب تدور عليه صورة ذلك الأمر الذي هذا قطبه يسمى الوجه الواحد من القطب جنوبيا وهو الروح والآخر شماليا وهو الصورة فمن جملة أصناف العالم الأناسي وهم المقصودون من وجود العالم بالقصد الثاني لا بالقصد الأول وأما القصد الأول فالقصد بوجود العالم عبادة الله أعني عبادة العرفان الحادث لكمال الوجود غير أنه في كل صنف من أصناف العالم تام غير كامل وما كمل إلا بهذه النشأة الإنسانية الكاملة وما عدا الكاملة فهو الإنسان الحيوان المسمى بالحد حيوانا ناطقا والأقطاب من الكمل ثم إن الله جعل العالم الجسمي والجسماني في منزلين منزل يسمى الدنيا ومنزل يسمى الآخرة وجعل سكانهما الإنس والجان والمعتبر فيهما الإنس والمعتبر من الإنس الكمل لا غير وهم الذين ذكرهم الله لا يزيدون عليه في نفوسهم هذا ذكرهم في نفوسهم وفي خلواتهم باللسان وأما في العموم فلا إله إلا الله ثم بعدها أنواع الذكر من سبحان الله المقيد والمطلق والحمد لله كذلك والله أكبر كذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله كذلك فعمر بهذا الصنف المقصود من العالم أو لا الدار الدنيا من الدارين وجعل سكناهم فيها بآجال مسماة ينتهون إليها ثم ينتقلون عند فراع مدتهم إلى الدار الآخرة ونقلتهم على ضربين منهم من ينتقل بموت وهو مفارقة الحياة الدنيا فيحيي بحياة الآخرة ومنهم من ينتقل بالحياة الدنيا من غير موت وهو الشهيد في سبيل الله خاصة وما يقال فيه بأنه أفضل من الميت إلا أنه أفضل من بعض الموتى ثم إن الله جعل هذا الصنف الإنساني في الدنيا أمما كثيرين ثم بعث في كل أمة رسولا ليعلمها ما هو الأمر عليه الذي خلقوا له ويعلمهم بما للحق عليهم أن يفعلوه وما لهم إذا فعلوا ذلك من الخير عند الله في الدار الآخرة وما ذا عليهم إذا لم يفعلوا من العقوبة عند الله في الدار الدنيا إذا علم ولاة أمرهم ذلك وفي الآخرة ثم جعل الفضل فيهم فمنهم الفاضل والأفضل من الأمم ومن الرسل وختم الأمم بأمة محمد ص وجعلهم خير أمة أخرجت للناس وختم بمحمد ص جميع الرسل ع وختم بشرعه جميع الشرائع فلا رسول بعده يشرع ولا شريعة بعد شريعته تنزل من عند الله إلا ما قرره شرعه من اجتهاد علماء أمته في استنباط الأحكام من كتابه وسنة نبيه وأعني بالسنة الحديث لا من قياس وأعني بالقياس هنا قياس فرع على فرع لا قياس فرع على أصل فإن قياس الفرع على الأصل هو المستنبط الذي ثبت بالاجتهاد وجعله الفقهاء أصلا رابعا كما جعلوا الإجماع أصلا ثالثا وهو إجماع الصدر الأول وقالوا إنهم ما أجمعوا على أمر إلا ولا بد أن يعرفوا فيه نصا يرجعون فيه إليه إلا أنه ما وصل إلينا مع قطعنا به فإنه من المحال أن يجتمعوا على حكم لا يكون لهم فيه نص لأن نظرهم وفطرهم مختلفة فلا بد من الاختلاف وقد أجمعوا على أمر فذلك الحكم مقطوع به عندنا أنهم فيه على نص من الرسول ص ولا حكم بإجماع بعد إجماع الصدر الأول فلما كان الأمر على ما قررناه في هذا الباب فاشتغلنا بذكر الأقطاب المحمديين لكون محمد ص سيد الناس يوم القيامة وهو وأمته الآخرون الأولون فاعتبرنا من الرسل محمدا ص ومن الأمم أمته ص واعلم أن الأقطاب المحمديين على نوعين أقطاب بعد بعثته وأقطاب قبل بعثته فالأقطاب الذين كانوا قبل بعثته هم الرسل وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رسولا وأما الأقطاب من أمته الذين كانوا بعد بعثته إلى يوم القيامة فهم اثنا عشر قطبا والختمان خارجان عن هؤلاء الأقطاب فهم من المفردين وسيأتي في آخر الكتاب ذكر الختم ويأتي بعد هذا الباب ذكر الاثني عشر قطبا مستوفى إن شاء الله تعالى فأما منازل الأقطاب المحمديين الذين هم الرسل صلوات الله عليهم أجمعين فلا سبيل لنا إلى الكلام على منازلهم فإن كلامنا عن ذوق ولا ذوق لنا في مقامات الرسل ع وإنما أذواقنا في الوراثة خاصة فلا يتكلم في الرسل إلا رسول ولا في الأنبياء إلا نبي أو رسول ولا في الوارثين إلا رسول أو نبي أو ولي أو من هو منهم هذا هو الأدب الإلهي فلا تعرف مراتب الرسل إلا من الختم العام
(٧٥)