وتفصيل ذلك: أن ما كان من قبيل الاتلافات التي كانت للمالك مباشرة أو توكيلا فينفذ الإذن فيه، وما لم يكن له ذلك فلا ينفذ، فإذا أذن في الأكل والشرب والعتق وأداء الدين ونحو ذلك فينفذ.
أما الأولان فواضح، لأنه من آثار سلطنة المالك على ماله.
وأما العتق فلما ظهر من أن العتق عن الغير تبرعا جائز ونافذ ويقع عنه، سواء كان واجبا أو مستحبا على الغير، فإذن الغير به بمنزلة توكيله في عتقه عن مالكه للوكيل، ومقتضاه وقوعه مجانا لو لم يكن مسبوقا بالاستدعاء من الغير، إلا أن تقوم قرينة على التضمين فيضمن لو أعتقه، كما أن مقتضى الاستدعاء أن يكون ضمانه على المستدعي فيقتضي دخوله في ملكه آنا ما، إلا أن تقوم قرينة على عدم الضمان وعلى الاستدعاء من المالك مجانا.
وبالجملة: إذن المالك بالعتق عنه لغيره نافذ. ولكنه يحكى عن المسالك (1) في باب الكفارات أنه لا بد أن يقع العتق في ملك المعتق وعن نفسه، لا عن غيره، وإنما خرج عتق الولد عن الوالد تبرعا بالدليل.
ولا يخفى أن ما أفاده يتم لو قام إجماع عليه، وإلا مقتضى القاعدة صحته من مالك العبد عن غيره، لأنه من قبيل سائر التبرعات كأداء الدين، وإعطاء ثمن الهدي، ومهر زوجة الغير ونحو ذلك فحكمه حكم الإذن في الإتلاف.
نعم، تقدم (2) وجه الإشكال في الخمس والزكاة.
وبالجملة: كل ما كان للمالك إتلافه مباشرة يؤثر إذنه فيه، لأنه من الواضح عدم اعتبار المباشرة في مثل ذلك وما لم يكن للمالك مباشرته: كالشراء بمال الغير، بل مطلق المعاوضات، فإذنه لا يؤثر في صحته إلا أن يرجع إلى الإذن في القرض ثم الاشتراء لنفسه بماله، أو يكون مجرد مقاولة قبل البيع، كما في أخبار (3) العينة الدالة على أنه لو كان للآمر الخيار وللمأمور كذلك فلا بأس، أي إذا اشترى