مطلقا وعدم اعتبار إمكانه كذلك أو التفصيل لغو، وذلك لصدق الاكراه بمجرد عدم رضا المكره بالنتيجة. ومن هنا صح تمسك المصنف (1) برواية ابن سنان الدالة على عدم اعتبار إمكان التفصي مطلقا، ولا يرد عليه ما أورد بأن الظاهر من الرواية تحقق الاكراه بدون التوعيد بالضرر لا أن التفصي بغير التورية أيضا غير لازم فلا دخل لها بمسألة إمكان التفصي وعدمه، وذلك لما عرفت: من أن محل البحث إنما هو بعد اعتبار ترتب الضرر والرواية حيث دلت على أن إكراه الزوجة أو الوالدين ليس بشئ، مع أن التفصي بغير التورية بالنسبة إلى مخالفتهم أيضا ممكن، فتدل على عدم اعتبار العجز عن التفصي مطلقا.
نعم، قد يورد عليه أن الرواية مختصة بمسألة الاكراه في مورد اليمين لا مطلقا.
وكيف كان، فثمرة هذا النزاع إنما هو بعد الفراغ عن اعتبار ترتب الضرر على مخالفة الفعل المكره عليه.
الثالث: يظهر من المصنف أن الفرق بين التخلص من التورية وغيرها من وجهين: أحدهما: من حيث الحكم. وثانيهما: من حيث الموضوع.
أما من حيث الحكم فحاصله أن الاكراه وإن لم يكن صادقا موضوعا على ما إذا تمكن من التفصي مطلقا إلا أن إطلاق الأخبار ومعاقد الإجماعات تلحقان القادر على التفصي بالتورية بمن لا يقدر عليه.
أما عدم صدق الاكراه موضوعا على مورد إمكان التفصي فلما عرفت: أنه يعتبر في وقوع الفعل عن إكراه أن يكون الداعي إليه هو خوف ترتب الضرر الموعود على الترك، ومع القدرة على التفصي ولو بالتورية لا يكون الضرر مترتبا على ترك المكره عليه، بل على تركه وترك التفصي معا، فدفع الضرر يحصل بأحد الأمرين، فإذا اختار الفعل ولم يور فهو مختار فيه، ولا يقاس على اختيار أحد