كعدم القصد فلا موقع للتمسك بالإطلاق، لأن الإذن لا يمكن أن يؤثر في الفعل الذي هو بمنزلة العدم حتى يتوهم تقييد عدم الأثر بمورد الخلو عن الإذن، فيتمسك بالإطلاق لرفع هذا التوهم.
ولو كان المراد منه أن الصبي ليس مستقلا في التصرف فهو كالراهن أو الباكرة فلا يصح التمسك بالإطلاق، لأنه ينقلب الفعل في مورد الإذن عما عليه. فلا يصح أن يقال: الراهن لا يستقل بالتصرف، سواء أذن له المرتهن أم لا.
فتلخص مما ذكرنا أن قصد الصبي كالعدم، وفعله العمدي خطأ لا مؤاخذة عليه، ولا دية في ماله، ولا يلزم بالإقرار، ولا حد عليه، ولا تعزير على أفعاله.
ولو قام دليل على أنه يعزر فليحمل على التأديب، لئلا يتمرن على الفعل المحرم.
نعم، لو ثبت لزوم تعزير في مورد ثبوت الحد على البالغ لكان ثبوت هذه العقوبة من أثر فعله القصدي. وأما لو ثبت لزومه في غير هذه المعصية فليس المراد منه إلا التأديب، أي ليس العقوبة عليه لأجل ما صدر منه، بل لئلا يصدر منه بعد البلوغ بحيث لو علم موته قبل البلوغ فتأديبه أيضا لا وجه له، إلا أن يكون نفس صدور الفعل منه نقصا لأقربائه.
وكيف كان، لو ثبت لزوم التعزير عليه فيدخل في المستثنيات، لما بينا أن الصبي كالمجنون، فهو داخل في هذا القسم من المحجورين، فلا يترتب على إنشائه أثر، ولا يؤاخذ على فعل من أفعاله. وإذا ثبت صحة فعل منه بدليل خاص يكون مخصصا لحديث رفع القلم. وأما لو لم يثبت - كما قيل (1) بالنسبة إلى عباداته - فيقتضي أن تكون تمرينية لا شرعية.
ثم كلما ثبت صحته مطلقا ولم يدل دليل على اعتبار صدوره من فاعل خاص يصح فيه توكيله للغير، ووكالته عن الغير، وهذا كله في الأفعال التي يعتبر فيها القصد. وأما الذي لا يعتبر فيه فخروجه عن الحديث بالتخصص.