وتقدم منا أن الحكم كذلك على الإباحة أيضا حذو النعل بالنعل، لأنه بناء عليها يحصل الملك أيضا بتلف إحداهما لكل من المبيح والمباح له، فإنه إذا صار من تلف المال عنده مالكا للتالف آنا ما يملك الآخر العين الموجودة أيضا، فإذا ملك كل منهما مال الآخر فمقتضى الاستصحاب بقاء ملكهما، واسترجاع العين عمن بيده، حتى يرجع هو إلى مثل ماله أو قيمته الذي تلف عند طرفه يتوقف على دليل، وحيث إنه لا دليل فيتعين المال الموجود للعوضية عن التالف.
إذا عرفت ذلك ظهر ما في كلام المصنف قدس سره في ذيل هذا العنوان من الأمور الأربعة.
فإنه أولا: ارتضى (1) ما استوجهه بعض مشايخه (2)، وفاقا لبعض معاصريه (3)، تبعا للمسالك (4) من جريان أصالة بقاء سلطنة مالك العين الموجودة وملكه لها فله الرجوع، واستشكل فيه بمعارضتها بأصالة براءة ذمته عن مثل التالف أو قيمته.
وثانيا: جعل أصالة بقاء السلطنة حاكمة على أصالة البراءة.
وثالثا: ناقش في جريان الأصلين من جهة العلم الإجمالي بالضمان، والشك في أن المضمون هو المسمى بحيث يتعين فلا يمكن لمن تلف عنده الرجوع إليه أو المثل أو القيمة بحيث يمكن له الرجوع، ولا أصل يعين أحدهما (5).