وأما ثمن الهدي فلا مانع من إعطائه من مال الغير بإذن مالكه، سواء كان في الكفارات أو في حج القران أو الإفراد، لأن نفس السوق لا بد أن يقع قربيا ومباشرة من السائق لو قلنا بالأخير، لا ثمن المسوق.
وأما الخمس والزكاة فلو قيل (1) بتعلقهما بالذمة يجوز اخراجهما من مال غير من تعلقا بذمته كسائر الديون التي يجوز أداؤها من مال المديون. ولو قيل بتعلقهما بالعين كما هو المشهور (2) فيشكل جواز التبرع عمن عليه إما لاعتبار مباشرته أو لاختصاص ولاية الأخراج من غير العين به فلا يؤثر إذنه في الأخراج.
فتحصل مما ذكرنا: أن كل ما يتوقف صحته على الملك لا يجدي فيه الإذن والإباحة، لأن صحته بهما تتوقف على عموم (الناس مسلطون)، وعمومه فرع عدم تخصصه بما دل على اعتبار الملك عقلا، أو عدم تخصيصه بما دل على اعتباره شرعا. ولا وجه للالتزام بالملك التقديري إلا بعد صحته في نفسه كما عرفت مما ذكرنا في موارد استيفاء الأموال أو الأعمال بالأمر المعاملي، فإن إتلاف هذه الأموال والإتيان بالأعمال بنفسها مشروعة من مالكها، ومقتضى الأمر المعاملي أن يكون ضمانها على المستوفي، ومقتضى الضمان وقوعها في ملك الضامن.
أما ما شك في صحته - كما في الإذن والإباحة - فالتقدير فيه فرع عموم التسلط، ولا عموم مع وجود الدليل الدال على لزوم وقوع هذه التصرفات في الملك.
والمورد الثاني من الموارد التي يقدر فيها الملك آنا ما تصرف ذي الخيار فيما انتقل عنه وما يلحق به: كتصرف الواهب في العين الموهوبة بالتصرف الذي يتوقف على الملك، فإن دليل نفوذ هذا التصرف يقتضي وقوعه في ملك المتصرف ثم خروجه عنه، فإن من وجود المعلول - وهو نفوذ بيع ذي الخيار والواهب