الحقيقة خارج عن العقود المعاوضية.
وأما العتق فلأنه فك الملك ومن الإيقاعيات فلا بد من تحققه ممن له إيجاده وإيقاعه. والإذن في التصرف لو كان راجعا إلى توكيل المأذون في العتق عن المالك ولو تبرعا عن المأذون فهو خارج عن محل الكلام، لأن العتق - حقيقة - واقع في ملك المالك، لا المباح له والمأذون، ولذا يكون ولاؤه للمالك، ولو رجع إلى شرعية الإذن في وقوع العتق عن غير المالك فلا دليل عليها.
وبالجملة: لا فرق بين البيع والعتق، فكما لا يجوز بيع مال الغير بحيث يدخل الثمن في ملك البائع دون المالك فكذا لا يجوز عتق عبد الغير بحيث يكون المعتق غير المالك ويكون ولاؤه له أيضا.
وكما أن إباحة المالك وإذنه في بيع غيره وكذا إجازته بعد وقوع البيع لا يجديان في أن يكون ثمن ماله للغير فكذا إباحته وإذنه للغير في عتق عبد الآذن أو إجازته بعد وقوع العتق منه لا يجديان في أن يكون ولاؤه للغير.
نعم، بين البيع والعتق فرق من جهة أخرى، وهي أن في العتق حيث إنه يجوز التبرع من مالك العبد عن غيره فينفذ إذنه للغير في أن يعتق عبد المالك عن نفسه، فحيث إنه تبديل طرف إضافة بطرف إضافة أخرى فلا يؤثر إذن المالك في بيع المأذون لنفسه وصيرورة الثمن له، لما عرفت: من أن هذا ليس معاوضة، لأنها عبارة عن لبس بعد خلع، فكل من خلع يلبس بدله ولا يمكن أن يكون الخلع من أحد واللبس للأجنبي.
وأما الوطئ: فلأنه اعتبر بالنص (1) والاجماع (2) وقوعه في ملك الواطئ، أي لا بد أن يكون الواطئ مالكا للوطئ، سواء كان للزوجية أو لملك الرقبة، أو للتحليل، ولا يملك الوطئ بالإذن من المالك، لاعتبار ألفاظ خاصة في التحليل والتزويج.