إنما الإشكال في أن دليل الضمان بالمثل في المثلي والقيمة في القيمي هل هو الاجماع، أو أدلة نفس الضمانات من قاعدة اليد وغيرها، والآية الشريفة، وهي قوله تعالى: ﴿فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم﴾ (1)؟
فنقول: أما الاجماع فالظاهر أن مدرك المجمعين هو أدلة الضمانات، ولا يكشف عن قول المعصوم، ولا عن دليل معتبر سواها، مع أنه لم ينعقد على مفهوم مبين حتى يكون النزاع في مقام الشك في أن الضمان بالمثل أو القيمة في الصغرى وفي تطبيق المفهوم المبين على المشكوك، بل انعقد على مفهوم مجمل.
وأما الآية الشريفة: فاستفادة المعتدى به منها في غاية الإشكال، فإن الظاهر كونها ناظرة إلى اعتبار المماثلة في مقدار الاعتداء، فالعمدة نفس أدلة الضمانات، وهي وإن لم تكن متكفلة بالدلالة المطابقية لكيفية الضمان إلا أنها تدل عليها بدلالة الالتزام، فإن ظاهر قوله: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) (2) بعد استفادة الضمان منه لو تلف المأخوذ أن أداء المأخوذ إنما هو بما يعد أداء له عرفا وعادة. ولا شبهة أن المرتكز في الأذهان أن أداء المثلي بالمثل والقيمي بالقيمة، فإن الضامن لو أداهما فكأنه لم يتلف من المضمون له شيئا من أمواله، ويصدق أنه هو الذي أخذ منه.
وبالجملة: مقتضى النبوي أن كل ما دخل تحت اليد يجب على الضامن رده، فما دام العين موجودة تدخل بخصوصياتها النوعية والشخصية والمالية تحت الضمان، وإذا تلفت لا بد من رد عوضها، ويعتبر في وجوب رد عوضها شروط ثلاثة:
الأول: أن يكون التالف مما يتمول عرفا وشرعا، فمثل الخنفساء والخمر وإن وجب ردهما حين بقائهما لجهة حق الاختصاص الثابت لمن أخذ منه إلا أنه بعد تلفهما لا يتعلق بهما ضمان.
الثاني: أن يتعلق الضمان بما يمكن عقلا وعادة الخروج عن عهدته، أي في