مقام الأداء لا بد أن يكون ما يؤديه تحت قدرة الضامن عقلا وعادة، فالخصوصية العينية ساقطة حين الأداء، وهكذا الخصوصية النوعية إذا لم تكن مبذولة، فلو لم يجد مثل التالف إلا عند من لا يبيعه إلا بثمن كثير في العادة أو عند من يحتاج الشراء منه إلى مصرف كثير فلا يجب رده.
الثالث: أن يكون البدل هو المبدل عرفا وعادة بحيث يقال بعد أدائه: إن التالف كأن لم يتلف، وعلى هذا، ففي المثلي المثل هو المعين، وفي القيمي القيمة، لأن بردهما كأن لم يتلف من المضمون له شيئا.
وأما كون المدار على الأقرب إلى التالف فلا وجه له، لأنه مضافا إلى عدم ميزان مضبوط له لا دليل على اعتباره، إلا أن يكون المقصود كون المثل أقرب إلى التالف مطلقا حتى في القيمي.
وعلى أي حال مقتضى الشرط الثاني أن الخصوصية العينية لا يمكن أن تدخل تحت ضمان الضامن، وإلا يقتضي تلفها سقوط الضمان، فإذا لم تكن بخصوصيتها تحت عهدة الضامن إلا عند وجودها فلا محالة متعلق الضمان هو ما يعد أنه هو، وهو في المثلي المثل، وفي القيمي القيمة، إلا على ما سيجئ: من أن الأصل هو الضمان بالمثل مطلقا إلا إذا قام الاجماع على كونه بالقيمة، فتدبر جيدا.
ثم لا يخفى أن التعاريف المذكورة للمثلي والقيمي كلها تقريبية، ولم نظفر على تعريف جامع مانع كما يظهر بالتأمل فيها، والأجود منها ما يستفاد من تعريف المصنف قدس سره بأن المثلي ما لا يتفاوت أفراد نوعه أو صنفه، ولا يتميز كل فرد منه من الآخر بحيث لو امتزج الفردان منه كمنين من الحنطة الخاصة الكذائية من مالكين حصل الشركة القهرية.
بل لا يبعد أن يقال: كل ما صح المسلم فيه فهو مثلي، والقيمي ما يتفاوت صنفا، ولا يشترك فرد مع آخر في جميع الصفات، ولا يصح السلم فيه بحيث يتميز المسلم فيه.
ثم المتيقن من المثلي بحيث لم يكن للضامن إلزام المالك بالقيمة ما كان له