وأما المعاوضات فاعتبار التعيين فيها إنما هو لاعتبار العوض فيها، حيث إن تحقق المالية في الكلي إنما هو بتعيين المالك، وإلا فما هو الركن فيها هو العقد والعوضين، فلو تم شرائطهما لم يعتبر شئ آخر أصلا.
وعلى هذا، فلا يخفى ما في كلام المحقق التستري من النظر:
أما أولا فلأن اعتبار التعيين في الكلي ليس لاعتبار قصد المالكين، بل لاعتبار العوضية، فإن قوام العقد بجعل العوض في مقابل المعوض وبالعكس، والكلي ما لم يضف إلى ذمة شخص ليس مالا، وتعيين الذمة بعد العقد لا يكفي في تحقق العقدية، لأن الإنشاء من الإيجاديات، والإيجادي في الحال لا يعقل تحققه في الاستقبال، فلو قام دليل على كفاية تحقق ما يجب أن يتحقق فعلا فيما بعد فلا بد من تنزيله منزلة تحققه فعلا، وإلا لا يمكن وجود شئ في ظرف أن يكون وجودا له في غير هذا الظرف، فلا يمكن قياس المقام على العتق ونحوه.
وعلى هذا، فلو سلمنا صدق العقد على الكلي ولو لم يضفه إلى شخص فقوله:
لا دليل على تأثير التعيين المتعقب، (1) فيه: أن الدليل عليه عموم (أوفوا بالعقود).
وقوله: ولا على صحة العقد المبهم لانصراف الأدلة إلى الشائع المعهود (2).
ففيه: أن التعارف بنفسه لا يوجب الانصراف.
وقوله قبل ذلك: والدليل على اشتراط التعيين ولزوم متابعته في هذا القسم أنه لولا ذلك لزم بقاء الملك بلا مالك (3)، ففيه: أن هذا لا يتم في جميع الصور، لأنه لو كان كل من العوضين كليا فقبل التعيين لا يتحقق نقل حتى يبقى الملك بلا مالك.
وأما ثانيا: فقوله: ولو اشترى لنفسه بمال في ذمة زيد، فإن لم يكن وكيلا عن زيد وقع عنه وتعلق المال بذمته لا عن زيد ليقف على إجازته، وإن كان وكيلا فالمقتضي لكل من العقدين منفردا موجود، والجمع بينهما يقتضي إلغاء أحدهما،