وقد يقال - كما هو المتبادر بدوا -: إن عموم (على اليد) لا يقتضي إلا ضمان مالية المال عند التلف، لا ضمان شخص المال، فضلا عن توابعه إلا بمعنى رده تكليفا، فكون العين تحت سلطنة المالك ليس مما يدخل تحت ضمان الغاصب حتى يجب أن يخرج عن عهدة ذلك مع بقاء العين، فثبوت البدل عند التعذر وإلحاقه بالتلف يتوقف على دليل.
ثم بناء على هذا يصير الأصل على عكس الأصل بناء على الأول، لأنه إذا شك في صدق التلف أو التعذر فالأصل براءة ذمة الغاصب ومن بحكمه. وأما موارد الغرامات فأربعة:
الأول: التلف الحقيقي.
الثاني: تلف جميع الانتفاعات في جميع الأزمنة، وهذا على قسمين:
قسم يخرج العين فيه عن الملكية، ولا يبقى إلا حق الاختصاص: كصيرورة الخل خمرا، والدهن نجسا، بناء على عدم جواز الانتفاع بهما أصلا، وعدم الانتفاع المعتد به.
وقسم لا تخرج فيه عن الملكية، كما إذا انكسرت المرآة أو الظروف الصينية (1) ونحوهما.
الثالث: تلف بعض الانتفاعات الذي ليس مما يتقوم به الملكية في جميع الأزمنة، كما لو صار الحيوان موطوءا فإنه لم يتلف منه إلا الانتفاع به دائما في بلد الوطئ لا في سائر البلاد.
الرابع: تلف جميع الانتفاعات في بعض الأزمنة كاللوح المنصوب في السفينة الذي يخاف بنزعه على النفس المحترمة ولو كان هو الغاصب أو تلف مال غير الغاصب.
ولا شبهة في أن الثاني ملحق بالأول، فإنه في حكم التلف إما شرعا أو عرفا.
وأما الثالث: فلولا الدليل على الضمان لكان مقتضى القواعد العامة عدمه،