التعويض فالفاسد منه كصحيحه يوجب الضمان، فيكون المراد من عكسه أن كل ما صدر لا على وجه التعويض بل مجانا ففاسده كصحيحه لا يوجب الضمان، وعلى هذا فتشمل القاعدة مثل الجعالة والخلع، فلو فرضنا كون الخلع فاسدا فليس المهر للزوج مجانا، كما أنه لو فرض أن عوض الخلع كان مال غير الزوجة فلا يمكن أن تكون الزوجة مطلقة بلا عوض، بل إما يفسد الخلع، وإما يجب عليها المثل أو القيمة، وهكذا في مسألة الجعالة.
ثم بعد ما ظهر أن هذه القاعدة إنما أسست لموارد تمييز اليد المجانية عن غيرها فلا بد من أن يكون معناها مطابقا لما هو مدركها. ولا وجه لما أفاده المصنف قدس سره من أن الكلام في معنى القاعدة لا في مدركها (1)، فعلى هذا لو كان ظاهر هذه القاعدة ما أفاده قدس سره من أن الموضوع هو العقد الذي كان له بالفعل فرد صحيح وفاسد (2). وكأن هذا المعنى منافيا لمدركه فيجب أن يحمل على معنى آخر لا يكون منافيا لدليله، والمعنى الصحيح هو الذي ذكرناه، وحاصله أن المراد من الأصل إن كل عقد صحيح صدر على وجه التعويض فالفاسد منه يوجب الضمان.
والمراد من العكس أن كل ما صدر صحيحه مجانا فالفاسد منه لا يوجب الضمان، وهذا المعنى جامع ومانع، ولا يحتاج إلى إرادة النوع في العقد ولا الصنف، ولا خروج ما كان موجب الضمان هو الشرط دون العقد، ولا فرض الوجود بالفعل للصحيح والفاسد، لأن كل ما صدر مجانا كالهبة الغير المعوضة والصلح في مقام الإبراء فالصحيح والفاسد منه لا يوجبان الضمان. كما أنه لو فرض صحة البيع بلا ثمن والإجارة بلا أجرة فكذلك لا يوجبان الضمان، لأن فرض صحته معناه مجانية المبيع والعمل ففساده ولو كان ناشئا من قبل الشرط لا يوجب الضمان.
نعم، لو كان الشرط فاسدا بعد التعويض كما لو جعل بإزاء المبيع الثمن ثم شرط أنه لو تلف المبيع عند المشتري فضمانه على البائع فهذا خارج عن عنوان