المكره عن نفسه وأبيه. نعم، لو فرض قصده التقرب إلى الحامل أو قصده البيع على أي حال كما إذا باع بعد بيع الجد عن كره فهذا خارج عن الفرض.
كما أنه لو كان المكره على البيع شخص خاص ولكنه باع عن طيب بحيث إنه لو لم يكن إكراه لباعه أيضا فهذا خارج، لأن محل البحث ليس مجرد وقوع معاملة بعد إكراه، بل موضوعه ما لو كانت المعاملة لإكراه الحامل بحيث نشأ إرادة الفاعل عن إرادة الحامل، وفي هذا الفرض لو أقدم على البيع كل من الأب والجد لدفع الضرر عن نفسه وغيره فلا يخرج عن كونه مكرها ولو علم بأن الآخر يقدم عليه لو لم يقدم هذا.
بل يمكن أن يقال: إن حكم المحرمات أيضا حكم المعاملات في هذه الصورة، وهو ما إذا علم أحدهما بأن الآخر يفعله لدفع الاكراه لا للشهوة فيجوز للعالم أن يقدم على شرب المحرم لدفع الاكراه عن نفسه وأخيه، لأن مجرد علمه بأن الآخر يفعله لا يدخله في عنوان الاختيار إذا فعل العالم لدفع ضرر الحامل.
وهكذا لو أكره أحد الشخصين على أحد الفعلين فإن كل واحد منهما لو أقدم على أحد الفعلين لدفع الضرر عن نفسه وأخيه فهو مكره وإن علم بأن الآخر يفعله لدفع الضرر، فتدبر جيدا. وكيف كان فالحكم في مسألة الأب والجد واضح.
الجهة السادسة: لو تعلق الاكراه بالمالك دون العاقد أو بالعاقد دون المالك فهل حكمه حكم ما لو تعلق بالمالك العاقد مطلقا، أو لا يكون محكوما بحكمه مطلقا، أو فرق بين الصورتين؟ وجوه، والأقوى أنه في الجهة التي هي موضوع البحث - وهي رفع الاكراه - أثر كل ما صدر عن كره لا فرق بين الصور، وإنما الاختلاف في نتيجة الرفع، فقد ينتج الصحة إذا لحقه الرضا، وقد لا يفيد الرضا المتأخر.
وتوضيح ذلك: أنه لو أكره الزوج على التوكيل في طلاق زوجته فالتوكيل الصادر عنه بمنزلة العدم، فيقع طلاق الوكيل بلا إذن من الموكل فيكون فضوليا. ولا إشكال في أنه لو لم يلحقه الإجازة أصلا وقع باطلا.