الثاني: هل الأصل أن تكون الإجازة ناقلة أو كاشفة؟ الأقوى هو الأول، لأن لازم دخلها بوجودها الخارجي - كما هو ظاهر الأدلة - عدم تحقق النقل إلا بعد تحققها.
نعم، لو ساعد العرف والاعتبار على دخل وصف التعقب كما في شرطية الأجزاء اللاحقة في الصلاة للأجزاء السابقة فنلتزم بالكشف. وأما في خصوص الإجازة فمضافا إلى أن ظاهر الأدلة الدالة على اعتبار الرضا والطيب كونها بوجودها الخارجي شرطا، العرف والاعتبار أيضا يساعدان على ذلك.
وقد قيل: (1) إن مقتضى الأصل هو الكشف، لأن إجازة العقد السابق عبارة عن الرضا بما دل عليه العقد وهو نقل الملك حين تحققه.
وفيه: أن مفاد العقد ليس إيجاد المنشأ حين صدور الإنشاء. وفرق بين وقوع الإنشاء في زمان من باب أن كل زماني يقع في الزمان لا محالة، ودلالة اللفظ على الإيجاد في زمان الإنشاء، فلو كان مفاد (بعت) أوجدت البيع الآن كما هو ظاهر بعض النحويين (2) في مفاد الأمر والنهي من كونهما موضوعين للطلب في الحال لكان الأصل هو الكشف. وأما لو كان مفاده أصل إيجاد البيع واستفيد وقوع المنشأ في الحال من أدلة أخرى، كمقدمات الحكمة الجارية في الإجارة ونحوها، وهي كون المنشئ بصدد الإيجاد وعدم تقييد منشئه بقيد، ونظير مقدمات الحكمة الجارية في البيع ونحوه فلا يكون الرضا كاشفا، لأن العلم بمدخلية الرضا في النقل من قبيل تقييد الملكية بقيد متأخر، فما لم يحصل القيد لا يحصل الملك. والمنشئ وإن لم يقيد إنشاءه بقيد ولكن تقييد الشارع بمنزلة تقييد نفس العاقد، فحصول النقل في نظر الشارع يتبع زمان حكمه الناشئ من اجتماع جميع ما يعتبر في الحكم، ومما يعتبر فيه الإجازة.