هو الإيجاب، لا المركب، فإن القبول من فعل المشتري.
وبالجملة: البيع هو فعل البائع، لا المركب من فعله وفعل المشتري، وفعله لا ينفك عن تحقق اسم المصدر منه، وإن لم يترتب عليه الأثر خارجا فهو مثل الكسر الذي لا ينفك عنه الانكسار وإن كان من جهة ترتب الأثر مثل الإيجاب الذي لا يكون منشأ للآثار إلا إذا صدر ممن له الأهلية له.
والذي يدل على أن البيع من فعل البائع أنه لو وقع شرطا في ضمن العقد أو نذره فمرجعه إلى إقدامه على البيع وجعل المبيع معرضا له، لا إيجاد ما هو منشأ للآثار، وإلا يكون شرطا ونذرا غير مقدور.
ففرق بين أن يكون المجموع من الفعلين أو الفعل المتعقب بالقبول بيعا، وأن يكون البيع هو فعل البائع في ظرف حصول القبول من المشتري.
وبالجملة: البيع أمر بسيط قائم بفعل شخصين بحيث لو لم يتحقق القبول لا يحصل هذا المعنى، ولكن لا يدخل ما هو من فعل المشتري في فعل البائع، لا بوجوده الخارجي، ولا بعنوانه الانتزاعي، بل فعل البائع إيجاب له، وفعل المشتري قبول له، فحيث إنه قائم بشخصين لا يمكن أن يقال: البيع يحصل بإيجاب البائع، سواء حصل القبول أم لا.
وعلى أي حال، إطلاق البيع على العقد المركب من الإيجاب والقبول مبني على عناية ورعاية علاقة غير خالية من الاعتساف، فإن علاقة السببية والمسببية حاصلة بين العقد وما يحصل من الإيجاب والقبول، أو من الإيجاب المتعقب بالقبول، وإلا ليس العقد سببا لما يحصل من فعل البائع، فإن التمليك منه يحصل بنفس إنشائه وإن لم يكن منشأ للأثر، إلا إذا تعقبه القبول.
ثم إن جملة من الأعلام - على ما في الجواهر والمتن - عرفوا البيع بالأثر الحاصل من الإيجاب والقبول.
فقالوا: بأنه انتقال عين مملوكة من شخص إلى غيره بعوض مقدر على وجه التراضي (1). فعلى هذا يستفاد من مجموع الكلمات إطلاق البيع على معان ثلاثة: