أخرى، الذي ينقسم إلى تبديل الأعيان بالأموال أو المنافع بها.
ثم إن الحرمة المتعلقة بالمعاملة عبارة عن حرمة هذا المعنى، أي: حرمة تبديل المال أو المنفعة، لا حرمة إنشاء المعاملة، ولا حرمة آثارها كالتصرف في الثمن والمثمن، ولا قصد ترتب الأثر عليها، وذلك لأن نفس الإنشاء من حيث إنه فعل من الأفعال وتلفظ بألفاظ لا وجه لأن يكون حراما، إلا إذا كان مزاحما لتكليف آخر كالبيع وقت النداء، وهكذا قصد تحقق المنشأ الإنشاء من حيث إنه أمر قلبي لا وجه لحرمته إلا إذا كان تجريا أو إعانة على الإثم.
وأما حرمة الآثار، فهي مترتبة على فساد المعاملة وحرمتها، لا أنها هي المحرمة ابتداء، فما يكون محرما حقيقة ويكون متعلقا للنهي هو نفس التبديل الذي اعتباره بيد مالكه، لولا نهي الشارع الذي هو مالك الملوك، وينفذ اعتباره من كلا طرفي الإثبات والنفي.
وبعبارة أخرى: نفس المنشأ بالعقد الذي هو أمر اعتباري وفعل إيجادي من المنشئ هو المحرم، لا آلة الإيجاد وهو التلفظ، ولا القصد، ولا الآثار.
ثم إن حجة الحرمة تارة راجعة إلى عدم كون ما يتكسب به مالا عرفا كالحشرات.
وأخرى راجعة إلى إسقاط الشارع جهة ماليته كالخمر والخنزير.
وثالثة إلى حرمة نفس المعاملة، لعدم صلاحية المال، لوقوع المعاملة به على هذا الطريق الخاص كالزيادة في المتجانسين.
ومحل بحثنا في المكاسب المحرمة راجع إلى حرمة التكسب باعتبار تعلق الكسب بالأعيان الخارجية، فمثل المعاملة الربوية خارجة عن موضوع البحث.
ثم إن مالية المال إما باعتبار خاصيته: كالحبوبات والفواكه ونحوهما، فإن بذل المال بإزاء الحنطة أو بإزاء الماء إنما لكونه مما يؤكل أو يشرب، فالانتفاع به إنما يكون بإعدامه. وإما باعتبار منافعه كالأراضي والمستغلات (1) فالانتفاع به