نعم، لا بد من تقييد هذه الأخبار بما إذا لم يكن المأخوذ معلوم الحرمة تفصيلا، كما أن الأصحاب أيضا أخرجوا هذه الصورة.
ويدل عليه موثقة إسحاق بن عمار قال: سألته عن الرجل يشتري من العامل وهو يظلم؟ فقال: (يشتري منه ما لم يعلم أنه ظلم فيه (1).
ويدل عليه أيضا رواية علي بن أبي حمزة في قضية صديق له من كتاب بني أمية، حيث قال له الصادق عليه السلام: (فمن عرفت منهم رددت عليه ماله) (2)، فإنه يدل على أن جوائز بني أمية لا يجوز التصرف فيها، فتأمل.
وعلى هذا، فإذا علم بكون هذا المأخوذ من الخراج والمقاسمة تفصيلا فيحرم التصرف فيه. وأما لو لم يعلم ذلك فنتيجة هذه الأخبار تقييد المحرم بالمعلوم التفصيلي، ولا مانع عنه، لأن المعلوم بالأجمال إنما يكون كالمعلوم بالتفصيل في التنجز إذا لم يقيد الواقع بقيد يختص بمورد المعلوم التفصيلي.
ثم إنه هل يلحق بجوائز السلطان وعماله جوائز مطلق من لا يتورع عن المحارم كالسارق وآكل الربا ونحوهما أم لا؟ وجهان، مقتضى إطلاق جملة من الروايات: عدم الفرق بينهما.
فعن أبي بصير (قال: سألت أحدهما عليهما السلام عن شراء الخيانة والسرقة؟ قال:
لا، إلا أن يكون قد اختلط معه غيره (3).
وفي صحيحة الحلبي: (لو أن رجلا ورث من أبيه مالا وقد عرف أن في ذلك المال ربا ولكن اختلط في التجارة بغيره حلالا (4) كان حلالا طيبا فليأكله، وإن عرف منه شيئا معزولا أنه ربا فليأخذ رأس ماله وليرد الربا) (5).