المشتري حرام أم لا.
أما إذا قلنا بحرمته، فلأنه إذا كان شراء من يتقوى بالطعام حراما من باب أنه شروع في الحرام فلا إشكال في أن البيع إعانة على الحرام ولو لم يقصد به التوصل إلى الحرام، فضلا عما إذا قصد.
وأما لو لم نقل بأنه حرام من باب عدم حرمة مقدمة الحرام التي لا يترتب عليها الحرام قهرا، كما برهن ذلك في محله، وثبت الفرق بينها وبين مقدمة الواجب، ولم يقم وجه آخر على حرمته أيضا إلا ما يقال: إنه تجر إلى الحرام، وهو حرام، وهذا ممنوع، فإن الشراء بنفسه ليس تجريا حتى يكون البيع مقدمة للتجري، بل التجري هو الشراء بقصد التوصل به إلى الفعل المحرم.
ولا يقال: إذا كان المجموع المركب من الشراء مع القصد تجريا فكل واحد من أجزاء المركب مقدمة للمركب، فإذا كان التجري حراما فالشراء الذي هو مقدمة للتجري أيضا حرام.
لأنا نقول: أولا: لا تدخل أجزاء المركب في بحث مقدمة الحرام والواجب.
وثانيا: أن مقدمة الحرام الذي هو التجري إنما تكون محرمة إذا كانت تجريا أيضا، وإلا فلا دليل على حرمة مقدمة الحرام وكونها تجريا، لكونها مقدمة للتجري يتوقف على إتيانها بقصد التوصل إلى التجري، وهذا - مع أن المشتري لا يقصد بشرائه التوصل إلى التجري - لا يمكنه أن يقصد ذلك، وإلا لتسلسل، وذلك لأنه إذا كان القصد إلى التجري تجريا، والمفروض توقف التجري على القصد، فلا بد أن يقصد القصد... وهكذا.
وبالجملة: ولو لم نقل بحرمة شراء الطعام للتقوي على المعصية إلا أن البيع بقصد التوصل إلى صدور الحرام من المشتري حرام.
وعلى أي حال، بيع العنب ممن يعلم بأنه يعمله خمرا لا يشبه تجارة التاجر، فإنه واقع في سلسلة أفعال الفاعل، دون التجارة فإنها خارجة وبمنزلة الموضوع لها، فلا ملازمة بين حلية التجارة وحلية بيع العنب، فإذا قصد حصول الخمر وباع