البلوغ وإيناس الرشد، وإذا ثبت بموجب هذه الآية أنه لا يجوز دفع المال إليه حال الصغر وجب أن لا يجوز تصرفه حال الصغر، لأنه لا قائل بالفرق (١).
ثم إن المستفاد من هذه الآية والآية التي قبلها وهي قوله عز من قائل: ﴿ولا تؤتوا السفهاء أموالكم﴾ (2) أن الصبي إذا بلغ سفيها لا يدفع وليه أمواله إليه، إن المراد من الأموال في قوله عز من قائل: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) هو أموال نفس الأيتام كما في التفاسير (3). ويشهد له أيضا وقوع هذه الآية الشريفة بين قوله عز أسمه: (ولا تأكلوا أموالهم)، وقوله: (وابتلوا اليتامى).
ثم لا فرق في الولي بين الوصي والأب والجد والحاكم، لأن الخطاب شامل للوصي أيضا، فالقول بالتفصيل بين الأب والجد والحاكم وبين الوصي في عدم انقطاع سلطنة الثلاثة دون الوصي لا وجه له.
وكيف كان، يستفاد من الآية المباركة عدم استقلال الصبي في التصرف في أمواله وإن كان رشيدا لا مباشرة ولا توكيلا، إنما الكلام في استفادة سائر المراتب منها، وهي نفوذ تصرفه في ماله بإذن الولي ووكالته عنه، ووكالته عن غيره.
فتقول: أما عدم نفوذ تصرفه في ماله بإذن الولي فيستفاد منها أيضا بضم مقدمة عقلية.
وأما عدم صحة وكالته عنه وعن الغير فلا يستفاد منها، بل يستفاد من القواعد العامة، وتوضيح ذلك يتوقف على تمهيد مقدمات:
الأولى: أنه كما لا يمكن اجتماع مالكين مستقلين على مال واحد ولا مالك مستقل ومالك كان شريكا معه فكذلك لا يمكن اجتماع سلطنتين مستقلتين، ولا سلطنة تامة وناقصة في مال واحد، فإن البرهان على الامتناع واحد في كليهما، وهو أنه ليس الملكية أو السلطنة إلا إضافة بين المالك أو السلطان والمال،